النَّظَافَة جمعا بَين الْأَدِلَّة وَلَا فرق فِي ذَلِك بَين مني الرجل وَالْمَرْأَة على الْمَذْهَب
وَأما مني غير الْآدَمِيّ فَإِن كَانَ مني كلب أَو خِنْزِير أَو فرع أَحدهمَا فَهُوَ نجس بِلَا خلاف كأصلهما وَأما مَا عداهما من بَقِيَّة الْحَيَوَانَات فَفِي خلاف الرَّاجِح عِنْد الرَّافِعِيّ أَنه نجس لِأَنَّهُ مُسْتَحِيل فِي الْبَاطِن كَالدَّمِ وَاسْتثنى مِنْهُ مني الْآدَمِيّ تكريماً لَهُ وَالرَّاجِح عِنْد النَّوَوِيّ أَنه طَاهِر وَقَالَ إِنَّه الْأَصَح عِنْد الْمُحَقِّقين والأكثرين لِأَنَّهُ أصل حَيَوَان طَاهِر فَكَانَ طَاهِر كالآدمي وَفِي وَجه أَنه نجس من غير الْمَأْكُول طَاهِر مِنْهُ كاللبن وَالله أعلم قَالَ
(وَغسل جَمِيع الأبوال والأرواث وَاجِب إِلَّا بَوْل الصَّبِي الَّذِي لم يَأْكُل الطَّعَام فَإِنَّهُ يطهر برش المَاء عَلَيْهِ) حجَّة الْوُجُوب حَدِيث الْأَعرَابِي وَغَيره وَأما كَيْفيَّة الْغسْل فالنجاسة تَارَة وَتَكون عَيْنِيَّة أَي تشاهد بِالْعينِ وَتارَة تكون حكمِيَّة أَي حكمنَا على الْمحل بِنَجَاسَتِهِ من غير أَن ترى عين النَّجَاسَة فَإِن كَانَت النَّجَاسَة عَيْنِيَّة فَلَا بُد مَعَ إِزَالَة الْعين من محاولة إِزَالَة مَا وجد مِنْهَا من طعم ولون وريح فَإِن بَقِي طعم النَّجَاسَة لم يطهر الْمحل الْمُتَنَجس لِأَن بَقَاء الطّعْم يدل على بَقَاء النَّجَاسَة وَصورته فِيمَا إِذا تنجس فَمه وَإِن بَقِي الْأَثر مَعَ الرَّائِحَة لم يطهر أَيْضا وَإِن بَقِي لون النَّجَاسَة وَحده وَهُوَ غير عسر الْإِزَالَة لم يطهر وَإِن عسر كَدم الْحيض يُصِيب الثَّوْب وَرُبمَا لَا تَزُول بعد الْمُبَالغَة فَالصَّحِيح أَنه يطهر للعسر وَإِن بقيت الرَّائِحَة وَحدهَا وَهِي عسرة الْإِزَالَة كرائحة الْخمر مثلا فيطهر الْمحل أَيْضا على الْأَظْهر ثمَّ الْبَاقِي من اللَّوْن والرائحة مَعَ الْعسر طَاهِر على الصَّحِيح وَقيل نجس مَعْفُو عَنهُ وَلَا يشْتَرط فِي حُصُول الطَّهَارَة عصر الثَّوْب على الرَّاجِح
ثمَّ شَرط الطَّهَارَة أَن يسْكب المَاء على الْمحل النَّجس فَلَو غمس الثَّوْب وَنَحْوه فِي طست فِيهِ مَاء دون قُلَّتَيْنِ فَالصَّحِيح الَّذِي قَالَه جُمْهُور الْأَصْحَاب أَنه لَا يطهر لِأَنَّهُ بوصوله إِلَى المَاء تنجس لقلته وَيَكْفِي أَن يكون المَاء غامراً للنَّجَاسَة على الصَّحِيح وَقيل يشْتَرط أَن يكون سَبْعَة أَضْعَاف الْبَوْل
وَأما النَّجَاسَة الْحكمِيَّة فَيشْتَرط فِيهَا الْغسْل أَيْضا
وَالْحَاصِل أَن الْوَاجِب فِي إِزَالَة النَّجَاسَة غسلهَا الْمُعْتَاد بِحَيْثُ ينزل المَاء بعد الحت والتحامل صافياً إِلَّا فِي بَوْل الصَّبِي الَّذِي لم يطعم وَلم يشرب سوى اللَّبن فَيَكْفِي فِيهِ الرش وَلَا بُد فِي الرش من إِصَابَة المَاء جَمِيع مَوضِع الْبَوْل وَأَن يغلب المَاء على الْبَوْل وَلَا يشْتَرط فِي ذَلِك السيلان قطعا والسيلان والتقاطر هُوَ الْفَارِق بَين الْغسْل والرش وَاعْلَم أَنه لَا يشْتَرط فِي الْغسْل الْقَصْد كَمَا لَو صب المَاء على ثوب لَا يقْصد فَإِنَّهُ يطهر وَكَذَا إِذا أصَاب مطر أَو سيل وَادّعى بَعضهم الْإِجْمَاع على ذَلِك لَكِن ابْن شُرَيْح والقفال من أَصْحَابنَا اشْترطَا النِّيَّة فِي غسل النَّجَاسَة كالحدث وَقد مر الْفرق وَقَول
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute