(سُبْحَانَ الله إِن الْمُؤمن لَا ينجس) وَهُوَ يعم الْمُسلم وَالذِّمِّيّ وَقيل ينجس بِالْمَوْتِ لِأَنَّهُ حَيَوَان طَاهِر فِي الْحَيَاة غير مَأْكُول بعد الْمَوْت فينجس كَغَيْرِهِ وَاسْتثنى أَيْضا الْجَنِين الَّذِي يُوجد مَيتا عِنْد ذبح أمه فَإِنَّهُ طَاهِر حَلَال وَكَذَا الصَّيْد أَيْضا إِذا مَاتَ بالضغطة أَي باللطمة فَإِنَّهُ يحل فِي أصح الْقَوْلَيْنِ وَكَذَا الْبَعِير الناد إِذا مَاتَ بِالسَّهْمِ فِي غير المنحر فَإِنَّهُ يحل وَالْجَوَاب أَن هَذِه ذَكَاة شَرْعِيَّة قَالَ
(وَيغسل الْإِنَاء من ولوغ الْكَلْب وَالْخِنْزِير سبع مَرَّات إِحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ وَيغسل من سَائِر النَّجَاسَات مرّة وَاحِدَة تَأتي عَلَيْهِ وَالثَّلَاث أفضل)
أما الْكَلْب فَلقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(إِذا ولغَ الْكَلْب فِي إِنَاء أحدكُم فليرقه ثمَّ ليغسله سبع مَرَّات) وَفِي رِوَايَة أُخْرَى لَهُ
(طهُور إِنَاء أحدكُم إِذا ولغَ فِيهِ الْكَلْب أَن يغسلهُ سبع مَرَّات أولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ) وَفِي رِوَايَة
(فاغسلوه سبع مَرَّات وعفروه الثَّامِنَة بِالتُّرَابِ) والولوغ فِي اللُّغَة الشّرْب بأطراف اللِّسَان وَجه الدّلَالَة أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَمر بِالْغسْلِ وَظَاهره الْوُجُوب وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(طهُور) يدل على التَّطْهِير وَالطَّهَارَة تكن عَن حدث وَعَن نجس وَلَا حدث هُنَا فَتعين النَّجس فَإِن قيل المُرَاد هُنَا الطَّهَارَة اللُّغَوِيَّة فَالْجَوَاب أَن حمل اللَّفْظ على الْحَقِيقَة اللُّغَوِيَّة مَعَ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث لبَيَان الشرعيات وَفِي الحَدِيث دلَالَة على نَجَاسَة مَا ولغَ فِيهِ الْكَلْب وَإِن كَانَ طَعَاما مَائِعا حرم أكله لِأَن إراقته إِضَاعَة مَال فَلَو كَانَ طَاهِرا لم يُؤمر بإراقته مَعَ أَنا قد نهينَا عَن إِضَاعَة المَال
ثمَّ لَا فرق بَين أَن يَتَنَجَّس بولوغه أَو بَوْله أَو دَمه أَو عرقه أَو شعره أَو غير ذَلِك من جَمِيع أَجْزَائِهِ وفضلاته فَإِنَّهُ يغسل سبعا إِحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ قَالَ النَّوَوِيّ فِي الرَّوْضَة وَفِي وَجه شَاذ أَنه يَكْفِي فِي غسل مَا سوى الولوغ مرّة كَغسْل سَائِر النَّجَاسَات وَهَذَا الْوَجْه قَالَ فِي شرح الْمُهَذّب إِنَّه مُتَّجه وَقَوي من حَيْثُ الدَّلِيل لِأَن الْأَمر بِالْغسْلِ سبعا إِنَّمَا كَانَ لينفرهم عَن مؤاكلة الْكلاب وَهل يغسل من الْخِنْزِير كَالْكَلْبِ أم لَا قَولَانِ الْجَدِيد وَبِه قطع بَعضهم نعم لِأَنَّهُ نجس الْعين فَكَانَ كَالْكَلْبِ بل أولى لِأَنَّهُ لَا يجوز اقتناؤه بِحَال وَقَالَ فِي الْقَدِيم إِنَّه يغسل مرّة كَسَائِر النَّجَاسَات لِأَن التَّغْلِيظ فِي الْكلاب إِنَّمَا ورد قطعا لَهُم عَمَّا يعتادونه من مخالطتها وزجراً كالحد فِي الْخمر وَهَذَا القَوْل رَجحه النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب وَلَفظه الرَّاجِح من حَيْثُ الدَّلِيل أَنه يَكْفِي غسله وَاحِدَة بِلَا تُرَاب وَبِه قطع أَكثر الْعلمَاء الَّذين قَالُوا بِنَجَاسَة الْخِنْزِير وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَار لِأَن الأَصْل عدم الْوُجُوب حَتَّى يرد الشَّرْع لَا سِيمَا فِي هَذِه الْمَسْأَلَة المبنية على التَّعَبُّد وَذكر مثل هَذَا فِي شرح الْوَسِيط أَيْضا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute