قُلَّتَيْنِ لم يجمل خبثاً) وَفِي رِوَايَة
(نجسا) فَدلَّ الحَدِيث بمفهومه على أَنه إِذا كَانَ دون قُلَّتَيْنِ يتأثر بِالنَّجَاسَةِ وَاحْترز بِالنَّجَاسَةِ المؤثرة عَن غير المؤثرة قَالَ النَّوَوِيّ فِي الرَّوْضَة كالميتة الَّتِي لَا نفس لَهَا سَائِلَة مثل الذُّبَاب والخنافس وَنَحْوهَا وكالنجاسة الَّتِي لَا يُدْرِكهَا الطّرف لعُمُوم الْبلوى بِهِ وكما إِذا وَقع الذُّبَاب على نَجَاسَة ثمَّ سقط فِي المَاء ورشاش الْبَوْل الَّذِي لَا يُدْرِكهُ الطّرف فيعفى عَنهُ وكما إِذا ولغت الْهِرَّة الَّتِي تنجس فمها ثمَّ غَابَتْ وَاحْتمل طَهَارَة فمها فَإِن المَاء الْقَلِيل لَا ينجس فِي هَذِه الصُّور وَيسْتَثْنى أَيْضا الْيَسِير من الشّعْر النَّجس فَلَا ينجس المَاء الْقَلِيل صرح بِهِ النَّوَوِيّ فِي بَاب الْأَوَانِي من زِيَادَته وَنَقله عَن الْأَصْحَاب قَالَ
(وَلَا يخْتَص بِشعر الْآدَمِيّ فِي الْأَصَح) أَي تَفْرِيعا على نَجَاسَة شعر الْآدَمِيّ ثمَّ قَالَ
(وَيعرف الْيَسِير بِالْعرْفِ)
قَالَ الإِمَام لَعَلَّه الَّذِي يغلب انتتافه لكنه قَالَ فِي شرح الْمُهَذّب يُعْفَى عَن الشعرة والشعرتين وَالثَّلَاث وَيسْتَثْنى أَيْضا الْحَيَوَان إِذا كَانَ على منفذه نَجَاسَة ثمَّ وَقع فِي المَاء فَإِنَّهُ لَا يُنجسهُ على الْأَصَح لمَشَقَّة صونه ذكره الرَّافِعِيّ فِي شُرُوط الصَّلَاة بِخِلَاف لَو كَانَ مستجمراً بِحجر فَإِنَّهُ يُنجسهُ بِلَا خلاف كَمَا قَالَ فِي شرح الْمُهَذّب فَإِن المستجمر بِالْحجرِ وَنَحْوه يُمكنهُ الِاحْتِرَاز وَيسْتَثْنى أَيْضا مَا إِذا أكل الصَّبِي شَيْئا نجسا ثمَّ غَابَ وَاحْتمل طَهَارَة فَمه كالهرة فَإِنَّهُ لَا ينجس المَاء الْقَلِيل ذكر ذَلِك ابْن الصّلاح وَهِي مَسْأَلَة حَسَنَة
وَقَالَ مَالك رَحمَه الله تَعَالَى المَاء الْقَلِيل لَا ينجس إِلَّا بالتغير كالكثير وَهُوَ وَجه فِي مَذْهَبنَا وَاخْتَارَهُ الرَّوْيَانِيّ وَفِي قَول قديم أَن المَاء الْجَارِي لَا ينجس إِلَّا بالتغير وَاخْتَارَهُ جمَاعَة مِنْهُم الْغَزالِيّ والبيضاوي فِي كِتَابه غَايَة القصوى وَهُوَ قوي من حَيْثُ النّظر لِأَن دلَالَة
(خلق الله المَاء طهُورا) دلَالَة نطق وَهِي أرجح من دلَالَة الْمَفْهُوم فِي قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام
(إِذا بلغ المَاء قُلَّتَيْنِ) الحَدِيث وَأما الْكثير وَهُوَ قلتان فَصَاعِدا فَلَا ينجس إِلَّا بالتغير بِالنَّجَاسَةِ لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(خلق الله المَاء طهُورا) الحَدِيث وَالْإِجْمَاع مُنْعَقد على نَجَاسَته بالتغير ثمَّ لَا فرق بَين التَّغَيُّر الْيَسِير وَالْكثير سَوَاء تغير الطّعْم أَو اللَّوْن أَو الرَّائِحَة وَهَذَا لَا اخْتِلَاف فِيهِ هُنَا بِخِلَاف مَا مر فِي التَّغَيُّر بالطاهر وَسَوَاء كَانَت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute