فَيجب عَلَيْهِ إِعَادَة كل صَلَاة صلاهَا مَعَ النَّجَاسَة يَقِينا فَإِن احْتمل حدوثها بعد الصَّلَاة فَلَا شَيْء عَلَيْهِ لِأَن الأَصْل عدم وجدانها فِي ذَلِك الزَّمن وَلَو رأى شخصا يُرِيد الصَّلَاة وَفِي ثَوْبه نَجَاسَة وَالْمُصَلي لَا يعلم بهَا لزم الْعَالم إِعْلَامه بذلك لِأَن الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ لَا يتَوَقَّف على الْعِصْيَان بل هُوَ لزوَال الْمفْسدَة قَالَه الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام وَهِي مَسْأَلَة حَسَنَة وَالله أعلم قَالَ
(وَستر الْعَوْرَة بلباس طَاهِر وَالْوُقُوف على مَكَان طَاهِر)
أما طَهَارَة اللبَاس وَالْمَكَان عَن النَّجَاسَة فقد مر وَأما ستر الْعَوْرَة فَوَاجِب مُطلقًا حَتَّى فِي الْخلْوَة والظلمة على الرَّاجِح لِأَن الله تَعَالَى أَحَق أَن يستحيا مِنْهُ سَوَاء كَانَ فِي الصَّلَاة وَغَيرهَا والعورة فِي اللُّغَة النَّقْص والخلل وَمَا يستحيا مِنْهُ وَهِي هُنَا مَا يجب ستره فِي الصَّلَاة وَالدَّلِيل على أَن سترهَا شَرط لصِحَّة الصَّلَاة قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(لَا يقبل الله صَلَاة حَائِض إِلَّا بخمار) وَالْمرَاد بالحائض الْبَالِغ وَالْإِجْمَاع مُنْعَقد على ذَلِك عِنْد الْقُدْرَة فَإِن عجز عَن الستْرَة صلى عُريَانا وَلَا إِعَادَة عَلَيْهِ على الرَّاجِح لِأَنَّهُ عذر عَام وَرُبمَا يَدُوم فَلَو أَوجَبْنَا الْإِعَادَة لشق ثمَّ شَرط الستْرَة أَن تمنع لون الْبشرَة سَوَاء كَانَ من ثِيَاب أَو جُلُود أَو ورق أَو حشيش وَنَحْو ذَلِك حَتَّى الطين وَالْمَاء الكدر وَصُورَة الصَّلَاة فِي المَاء على الْجِنَازَة وَالأَصَح وجوب التطين لِأَنَّهُ قَادر على الستْرَة وَلَا يَكْفِي الثَّوْب الرَّقِيق مثل غزل الْبَنَات وَنَحْوه لِأَنَّهُ لَا يمْنَع لون الْبشرَة وَكَذَا الكرباس الَّذِي لَهُ أبخاش وَلَو كَانَت عَوْرَته ترى من جيبه فِي رُكُوعه أَو سُجُوده لم يكف فَيجب إِمَّا زره أَو وضع شدّ عَلَيْهِ وَنَحْوه وَلَو لم يجد إِلَّا ثوبا نجسا وَلَا يجد مَاء يغسلهُ بِهِ فَقَوْلَانِ الْأَظْهر أَنه يُصَلِّي عُريَانا وَلَا إِعَادَة عَلَيْهِ وَالثَّانِي يُصَلِّي فِيهِ وَيُعِيد وَلَو كَانَ مَحْبُوسًا فِي مَوضِع نجس وَمَعَهُ ثوب وَاحِد لَا يَكْفِي للعورة والنجاسة فَقَوْلَانِ أَيْضا أظهرهمَا يبسطه للنَّجَاسَة وَيُصلي عَارِيا بِلَا إِعَادَة وَالثَّانِي يُصَلِّي فِيهِ على النَّجَاسَة وَيُعِيد وَلَو لم يجد العاري إِلَّا ثوبا لغيره حرم عَلَيْهِ لبسه بلَى يُصَلِّي عَارِيا وَلَا يُعِيد وَلَيْسَ لَهُ أَخذه مِنْهُ قهرا وَلَو وهبه لم يلْزمه قبُوله فِي الْأَصَح للمنة وَلَو أَعَارَهُ لزمَه قبُوله لضعف الْمِنَّة فَإِن لم يقبل وَصلى عَارِيا لم تصح صلَاته لقدرته على الستْرَة وَلَو بَاعه إِيَّاه أَو أجره فَهُوَ كَالْمَاءِ فِي التَّيَمُّم وَيكرهُ أَن يُصَلِّي فِي ثوب فِيهِ صُورَة وتمثيل وَالْمَرْأَة متنقبة إِلَّا أَن تكون فِي مَسْجِد وَهُنَاكَ أجانب لَا يحترزون عَن النّظر فَإِن خيف من النّظر إِلَيْهَا مَا يجر إِلَى الْفساد حرم عَلَيْهَا رفع النقاب وَهَذَا كثير فِي مَوَاضِع الزِّيَارَة كبيت الْمُقَدّس زَاده الله تَعَالَى شرفاً فليجتنب ذَلِك وَيسْتَحب أَن يُصَلِّي الشَّخْص فِي أحسن ثِيَابه وَالله أعلم قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute