الْقبْلَة وَهِي كَثِيرَة وأضعفها الرِّيَاح لاختلافها وأقوالها القطب وَهُوَ نجم صَغِير فِي بَنَات نعش الصُّغْرَى بَين الفرقدين والجدي إِذا جعله الْوَاقِف خلف أُذُنه الْيُمْنَى كَانَ مُسْتَقْبل الْقبْلَة إِن كَانَ بِنَاحِيَة الْكُوفَة وبغداد وهمدان وجرجان وَمَا والاها وَيكون على عَاتِقه الْأَيْسَر بأقليم مصر وَيكون خلف ظَهره بِدِمَشْق وَلَيْسَ للقادر على الإجتهاد تَقْلِيد غَيره فَإِن فعل وَجب قَضَاء الصَّلَاة وَسَوَاء خَافَ خُرُوج الْوَقْت أم لَا فَإِن ضَاقَ الْوَقْت صلى كَيفَ كَانَ وَتجب الْإِعَادَة هَذَا هُوَ الصَّحِيح وَقيل يُقَلّد عِنْد خوف الْفَوات وَلَو خفيت الْأَدِلَّة على الْمُجْتَهد لغيم أَو ظلمَة أَو تَعَارَضَت الْأَدِلَّة فَفِيهِ خلاف منتشر ملخصه قَولَانِ أظهرهمَا لَا يُقَلّد قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَمحل الْخلاف عِنْد ضيق الْوَقْت أما إِذا لم يضق فَلَا يُقَلّد قطعا لعدم الْحَاجة هَذَا فِي الْقَادِر أما إِذا لم يقدر على الِاجْتِهَاد بِأَن كَانَ عَاجِزا عَن أَدِلَّة الْقبْلَة كالأعمى والبصير الَّذِي لَا يعرف الْأَدِلَّة وَلَا لَهُ أَهْلِيَّة مَعْرفَتهَا وَجب عَلَيْهِ تَقْلِيد مُسلم عدل عَارِف بالأدلة سَوَاء فِيهِ الرجل وَالْمَرْأَة وَالْحر وَالْعَبْد
وَاعْلَم أَن التَّقْلِيد هُوَ قبُول قَول الْمُسْتَند إِلَى الِاجْتِهَاد فَلَو قَالَ بَصِير رَأَيْت القطب أَو رأين الْخلق الْكثير من الْمُسلمين يصلونَ إِلَى هُنَا كَانَ الْأَخْذ بِهِ قبُول خبرلا تَقْلِيد لِأَنَّهُ لم يسْتَند إِلَى اجْتِهَاد بل إِلَى الرُّؤْيَة وَلَو اخْتلف عَلَيْهِ اجْتِهَاد مجتهدين قلد من شَاءَ مِنْهُمَا على الصَّحِيح وَالْأولَى تَقْلِيد الأوثق الأعلم وَقيل يجب ذَلِك وَرجحه الرَّافِعِيّ فِي الشَّرْح الصَّغِير قَالَه ابْن الرّفْعَة وَنَقله القَاضِي أَبُو الطّيب عَن نَص الشَّافِعِي فِي الْأُم قَالَ ابْن الرّفْعَة لَكِن الْأَكْثَرُونَ على التَّخْيِير
وَاعْلَم أَن الْمُصَلِّي بِالِاجْتِهَادِ إِذا ظهر الْخَطَأ فِي الإجتهاد فَإِن كَانَ قبل الشُّرُوع فِي الصَّلَاة أعرض عَنهُ وَاعْتمد الْجِهَة الَّتِي يعلمهَا أَو يَظُنهَا فَإِن تَسَاوَت عِنْده جهتان فَلهُ الْخِيَار فيهمَا على الْأَصَح وَلَو تَيَقّن الْخَطَأ بعد الْفَرَاغ من الصَّلَاة وَجَبت الْإِعَادَة على الْأَظْهر لفَوَات الِاسْتِقْبَال وَقيل لَا يُعِيد اعْتِبَارا بِمَا ظَنّه وَقت الْفِعْل لِأَنَّهُ مَأْمُور بِالصَّلَاةِ بِهِ وَالْأول مَذْهَب الْفُقَهَاء وَالثَّانِي مَذْهَب الْمُتَكَلِّمين وَلَو تَيَقّن الْخَطَأ وَلم يتَيَقَّن الصَّوَاب بل ظَنّه فَلَا إِعَادَة عَلَيْهِ لِأَن الأول مُجْتَهد فِيهِ وَالثَّانِي مُجْتَهد فِيهِ وَلَا ينْقض الِاجْتِهَاد بِالِاجْتِهَادِ حَتَّى لَو صلى أَربع رَكْعَات إِلَى أَربع جِهَات باجتهادات فَلَا إِعَادَة عَلَيْهِ على الأصيح وَلَو تَيَقّن الجظأ فِي أثْنَاء الصَّلَاة بطلت على الْأَظْهر أَو ظن الْخَطَأ فَالْأَصَحّ أَنه ينحرف وَيَبْنِي على صلَاته حَتَّى لَو صلى أَربع رَكْعَات إِلَى أَربع جِهَات باجتهادات فَلَا قَضَاء وَلَو صلى بِاجْتِهَاد ثمَّ أَرَادَ صَلَاة فَرِيضَة أُخْرَى حَاضِرَة أَو فَائِتَة وَجب الِاجْتِهَاد على الْأَصَح سعياً فِي إِصَابَة الْحق وَلَا يحْتَاج إِلَى إِعَادَة الِاجْتِهَاد للنافلة قطعا قَالَ فِي الرَّوْضَة وَلَو اجْتهد اثْنَان وَأدّى اجْتِهَاد كل وَاحِد مِنْهُمَا إِلَى جِهَة عمل كل مِنْهُمَا بِاجْتِهَادِهِ وَلَا يَقْتَدِي بِصَاحِبِهِ لِأَن كلا مِنْهُمَا يعْتَقد خطأ صَاحبه كَمَا لَو اخْتلف اجتهادهما فِي الإناءين أَو الثَّوْبَيْنِ الْمُتَنَجس أَحدهمَا وَلَو شرع فِي الصَّلَاة بالتقليد فَقَالَ لَهُ عدل أَخطَأ بك فلَان فَإِن كَانَ يخبر عَن علم ومعاينة وَجب الرُّجُوع إِلَى قَوْله وَإِن كَانَ يخبر عَن اجْتِهَاد فَإِن كَانَ قَول الأول عِنْده أرجح لزِيَادَة عَدَالَته أَو هدايته للأدلة أَو هُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute