للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَبُو اللَّيْث: لَيْسَ لَهُ ذَلِك لفساد الزَّمَان وَسُوء حَال الْأزْوَاج، وَاخْتَارَ بَعضهم تَفْوِيض ذَلِك للمفتي، فَمَتَى علم من حَاله الْإِضْرَار بهَا أفتاه بِعَدَمِ الْجَوَاز، وَمَتى علم مِنْهُ غير ذَلِك أفتاه بِالْجَوَازِ. وَقد نصوا فِي مثل هَذَا على أَن الْمُفْتِي لَا بُد لَهُ من نوع اجْتِهَاد وَأَنه يُفْتِي بِمَا وَقع عِنْده من الْمصلحَة.

وكما قَالُوا فِي حق سُقُوط نَفَقَة الزَّوْجَة بِالطَّلَاق الْبَائِن إِذا كَانَت غير مستدانة بِأَمْر القَاضِي، أَن القَاضِي ينظر فِي حَال الزَّوْج، فَإِن كَانَ طَلقهَا بَائِنا توصلاً لإِسْقَاط النَّفَقَة المتراكمة عَن نَفسه رد قَصده عَلَيْهِ وَحكم عَلَيْهِ بِعَدَمِ سُقُوطهَا عَنهُ، وَإِن كَانَ أَبَانهَا لَا لهَذَا حكم بسقوطها. (ر: الدّرّ الْمُخْتَار وحاشيته رد الْمُحْتَار، من النَّفَقَة) .

وكما فوض إِلَيْهِ الِاجْتِهَاد فِي تَقْدِير حبس الْمَدْيُون مُدَّة يغلب على ظَنّه أَنه لَو كَانَ لَهُ مَال لأظهره.

وفوضوا إِلَيْهِ الِاجْتِهَاد فِي تَقْدِير تَعْزِير المذنب بِحَسب مَا يرَاهُ كَافِيا لزجره من حبس أَو ضرب أَو تعبيس فِي وَجهه.

وفوضوا إِلَيْهِ النّظر وَالِاجْتِهَاد فِي بيع الْأَب وَالْوَصِيّ عقار الصَّغِير، فَإِن رأى أَن نقضه أصلح للصَّغِير وأنفع فَلهُ نقضه. (ر: فيض المستفيض فِي مسَائِل التَّفْوِيض للغزي) .

وَقد فَوضُوا أَيْضا للْحَاكِم تَحْلِيف الشُّهُود إِذْ رأى ذَلِك، لفساد الزَّمَان، كَمَا سَيَأْتِي فِي الْكَلَام على الْمَادَّة / ٣٩ /: " لَا يُنكر تغير الْأَحْكَام بِتَغَيُّر الْأَزْمَان " نقلا عَن معِين الْحُكَّام.

فَيحْتَمل أَنهم أَرَادوا بِوَضْع هَذِه الْقَاعِدَة هُنَا إيقاف اجتهادهم وقصره على مثل هَذَا. وَأما فِيمَا عداهُ مِمَّا لم يُفَوض إِلَيْهِم وَقد وَقع فِيهِ الْخلاف فَلَا مساغ لاجتهادهم فِيهِ، بل التَّرْجِيح فِيهِ تَابع لترجيح المرجحين من عُلَمَاء الْمَذْهَب على حسب مَا هُوَ مَبْسُوط فِي " رسم الْمُفْتِي " فَلَيْسَ للمفتي وَلَا للْقَاضِي مُخَالفَة

<<  <   >  >>