للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

(ثَانِيًا _ التطبيق)

مِمَّا فرع على هَذِه الْقَاعِدَة: (أ) تَجْوِيز الْإِجَارَة، فَإِنَّهَا جوزت بِالنَّصِّ على خلاف الْقيَاس، للْحَاجة إِلَيْهَا، وَذَلِكَ لِأَن عقد الْإِجَارَة يرد على الْمَنَافِع وَهِي مَعْدُومَة، وتمليك الْمَعْدُوم قبل وجوده يَسْتَحِيل، وَلَا يُمكن جعل العقد فِيهَا مُضَافا إِلَى زمن وجود الْمَنْفَعَة لِأَن التمليكات لَا تقبل الْإِضَافَة.

(ب) وَمِنْه: تَجْوِيز السّلم، فَإِنَّهُ جوز بِالنَّصِّ أَيْضا على خلاف الْقيَاس للْحَاجة، لِأَنَّهُ بيع الْمَعْدُوم أَيْضا.

(ج) وَمِنْه: تَجْوِيز ضَمَان الدَّرك، فَإِنَّهُ جوز بِالْإِجْمَاع، على خلاف الْقيَاس. وَذَلِكَ لِأَن الْكفَالَة من جِهَة الْمَطْلُوب، وَهُوَ الْمَكْفُول عَنهُ، بِمَنْزِلَة الطَّلَاق وَالْعتاق لَا تتَوَقَّف على قبُوله، وَمن جِهَة الطَّالِب، وَهُوَ الْمَكْفُول لَهُ، بِمَنْزِلَة البيع لِأَنَّهَا تملكه حق مُطَالبَة الْكَفِيل، فتستدعي التَّنْجِيز كَسَائِر التمليكات، وَضَمان الدَّرك عبارَة عَن ضَمَان الثّمن للْمُشْتَرِي عِنْد اسْتِحْقَاق الْمَبِيع، فَهُوَ كَفَالَة مُضَافَة، وَالْقِيَاس يأباها لِأَنَّهَا تمْلِيك للطَّالِب كَمَا ذكرنَا، والتمليكات لَا تقبل الْإِضَافَة، لَكِنَّهَا جوزت بِالْإِجْمَاع (ر: الْهِدَايَة، من الْكفَالَة) لمَكَان التَّعَامُل، وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلمن جَاءَ بِهِ حمل بعير وَأَنا بِهِ زعيم} على مَا فِيهِ من الْبَحْث.

(د) وَمِنْه: تجويزهم اسْتِئْجَار السمسار على أَنه لَهُ فِي كل مائَة كَذَا، فَإِن الْقيَاس يمنعهُ، وَيُوجب لَهُ أجر الْمثل. وَلَكِن جوزوه للتعامل (ر: رد الْمُحْتَار، من الْإِجَارَة الْفَاسِدَة، نقلا عَن التَّتارْخَانِيَّة عَن مُحَمَّد بن سَلمَة) وَقَالَ عقبه: وَكثير من هَذَا غير جَائِز فجوزوه لحَاجَة النَّاس إِلَيْهِ.

(هـ) وَمِنْه: تَجْوِيز اسْتِئْجَار الظِّئْر للإرضاع، على القَوْل بِأَن العقد يرد على اللَّبن والخدمة تثبت تبعا، فَإِنَّهُ جوز للْحَاجة، بالتعامل وَبِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {فَإِن أرضعن لكم فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ} ، وَإِلَّا فَالْقِيَاس يأباه لِأَنَّهُ وَارِد على اسْتِهْلَاك الْعين، وَالْإِجَارَة إِذا وَردت على اسْتِهْلَاك الْأَعْيَان مَقْصُودا لَا تجوز.

<<  <   >  >>