(" مَا ثَبت على خلاف الْقيَاس فَغَيره لَا يُقَاس عَلَيْهِ ")
(أَولا _ الشَّرْح)
" مَا ثَبت " من الْأَحْكَام بِالنَّصِّ الْوَارِد " على خلاف الْقيَاس فَغَيره لَا يُقَاس عَلَيْهِ ".
الْقيَاس: جعل الحكم فِي الْمَقِيس مثل الحكم فِي الْمَقِيس عَلَيْهِ بعلة وَاحِدَة فيهمَا، وَهُوَ حجَّة عِنْد الْفُقَهَاء والمتكلمين بقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{فاعتبروا يَا أولي الْأَبْصَار} لِأَن الِاعْتِبَار هُوَ النّظر فِي الثَّابِت لأي معنى ثَبت وإلحاق نَظِيره بِهِ، وَهُوَ الْقيَاس بِعَيْنِه.
وَشرط الِاسْتِدْلَال بِالْقِيَاسِ عدم وجود النَّص فِي الْمَقِيس، لِأَن الْقيَاس إِنَّمَا يُصَار إِلَيْهِ ضَرُورَة خلو الْفَرْع عَن حكم ثَبت لَهُ بطرِيق التَّنْصِيص، فَإِذا وجد التَّنْصِيص على الحكم فَلَا قِيَاس.
وَالِاسْتِدْلَال فِي بعض الْمسَائِل بِالنَّصِّ وَالْقِيَاس مَعًا إِنَّمَا هُوَ لأجل أَن الْخصم إِن طعن فِي النَّص بِأَنَّهُ مَنْسُوخ أَو غير متواتر أَو غير مَشْهُور أَو مؤول يبْقى الْقيَاس سالما لَا مطْعن فِيهِ، لَا لِأَنَّهُ دَلِيل على تَقْدِير سَلامَة النَّص من الطعْن.
وَلَيْسَ الْقيَاس عملا بِالظَّنِّ كَمَا يَقُول الْبَعْض، بل هُوَ عمل بغالب الظَّن وأكبر الرَّأْي، وَالْعَمَل بغالب الظَّن وَاجِب وَإِن بَقِي مَعَه ضرب احْتِمَال. والمماثلة بَين الْمَقِيس والمقيس عَلَيْهِ من جَمِيع الْوُجُوه غير وَاجِبَة لصِحَّة الْقيَاس، بل الْوَاجِب الْمُمَاثلَة فِي عِلّة الحكم فَقَط.