" فقد أَذِنت لَهُ بِالتِّجَارَة " فَبَايعهُ ثمَّ ظهر أَنه ابْن الْغَيْر، فَإِن الْمَأْمُور يرجع على الْآمِر بِثمن مَا بَاعه.
وكما لَو اشْترى دَارا مثلا ثمَّ بنى فِيهَا ثمَّ اسْتحقَّت وَقلع بِنَاؤُه فَإِن لَهُ أَن يسلم النَّقْض لبَائِعه وَيرجع عَلَيْهِ بِقِيمَة الْبناء مَبْنِيا يَوْم تَسْلِيمه، سَوَاء كَانَت أَكثر من قِيمَته يَوْم بناه أَو أقل. وَقَوْلهمْ: " شرى دَارا ثمَّ بنى فِيهَا ... إِلَخ ". للِاحْتِرَاز عَمَّا إِذا بنى الدَّار ثمَّ اشْترى أرْضهَا فاستحقت، فَإِنَّهُ لَا يرجع وَالْحَالة هَذِه بِقِيمَة الْبناء. (ر: معِين الْحُكَّام، من فصل المُشْتَرِي يرجع على وَكيل البيع، من الْبَاب التَّاسِع وَالثَّلَاثِينَ) . وَعدم الرُّجُوع فِي هَذِه الصُّورَة لكَون الْبناء قبل الشِّرَاء فَلم يكن فِي ضمن الْمُعَاوضَة.
هَذَا، ثمَّ إِذا رَجَعَ المُشْتَرِي الْمَغْرُور على البَائِع الْغَار بِقِيمَة الْبناء إِذا سلمه النَّقْض فَإِنَّمَا يرجع بِمَا يُمكن نقضه وتسليمه وَله قيمَة فَلَا يرجع بِمَا لَا قيمَة لَهُ بعد النَّقْض كتطيينها. وكما لَا يرجع فِي ذَلِك لَا يرجع فِيمَا غرمه للْمُسْتَحقّ لِقَاء مَنْفَعَة استوفاها، كَمَا لَو نقصت الأَرْض الْمُسْتَحقَّة بزراعة لَهَا وَضَمنَهُ الْمُسْتَحق نقصانها، فَإِنَّهُ لَا يرجع على بَائِعه بِمَا ضمنه لنقصانها، وكما لَو ظَهرت الدَّابَّة الْمُشْتَرَاة وَقفا أَو ليتيم أَو معدة للِاسْتِغْلَال، فضمنه الْمُسْتَحق بدل مَنْفَعَتهَا عَن الْمدَّة الْمَاضِيَة عِنْده، فَإِنَّهُ لَا يرجع على بَائِعه بِمَا ضمنه من الْبَدَل، لِأَنَّهُ كَانَ لِقَاء مَنْفَعَة استوفاها، بالزراعة فِي الأولى، وبالسكنى بِالْفِعْلِ - أَو بالتمكن مِنْهَا - فِي الثَّانِيَة.
(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة)
: أَن يكون التَّغْرِير فِي ضمن قبض يرجع نَفعه إِلَى الدَّافِع، كوديعة وَإِجَارَة، فَلَو هَلَكت الْوَدِيعَة أَو الْعين المأجورة ثمَّ اسْتحقَّت وَضمن الْمُسْتَحق الْوَدِيع أَو الْمُسْتَأْجر رَجَعَ بِمَا ضمنه على الدَّافِع من مُودع أَو مؤجر.
وَمثل الْوَدِيعَة وَالْإِجَارَة الْمَذْكُورين الرَّهْن، فَلَو رَهنه عينا ثمَّ هَلَكت فِي يَده ثمَّ اسْتحقَّت وضمنها الْمُسْتَحق للْمُرْتَهن رَجَعَ على الدَّافِع، وَهُوَ الرَّاهِن، بِمَا ضمن.
(الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة)
: إِذا ضمن الْغَار للمغرور صفة السَّلامَة نصا، كَمَا إِذا قَالَ لآخر: " اسلك هَذَا الطَّرِيق فَإِنَّهُ آمن، وَإِن سلكته وَأخذ مَالك فَأَنا ضَامِن "،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute