مِمَّا يتَفَرَّع على الْقَاعِدَة الْمَذْكُورَة أَن القَاضِي لَا يملك التَّصَرُّف فِي الْوَقْف مَعَ وجود متولٍ عَلَيْهِ وَلَو من قبله، حَتَّى لَو تصرف بإيجار أَو قبض أَو صرف لَا ينفذ.
وَكَذَلِكَ لَا يملك القَاضِي التَّصَرُّف فِي مَال الصَّغِير مَعَ وجود وَصِيّ الْأَب أَو وَصِيّ الْجد أَو وَصِيّ نفس القَاضِي. أما مَعَ وَصِيّ غير من ذكر كوصي الْأُم وَمن شاكلها مِمَّن كَانَت ولَايَته ضَعِيفَة فِي المَال من الْأَقَارِب فَإِنَّهُ يملك التَّصَرُّف.
وَكَذَا لَا يملك القَاضِي تَزْوِيج الصغار مَعَ وجود الْوَلِيّ إِلَّا بعد عضله.
(ثَالِثا: الْمُسْتَثْنى)
أخرج بَعضهم عَن الْقَاعِدَة الْمَذْكُورَة مَا نصوا عَلَيْهِ من أَن الْوَصِيّ لَا يملك اسْتِيفَاء الْقصاص إِذا قتل مورث الصَّغِير الَّذِي تَحت وصايته، مَعَ أَن القَاضِي يملك استيفاءه، فَتكون الْولَايَة الْعَامَّة هُنَا أقوى من الْولَايَة الْخَاصَّة.
وَفِي الْحَقِيقَة لَا اسْتثِْنَاء، فَإِن ولَايَة اسْتِيفَاء الْقصاص عَن الصَّغِير تَابِعَة للولاية على نَفسه، وَلَا ولَايَة على نَفسه للْوَصِيّ، وَمَا لَهُ من الْولَايَة الْمُتَقَدّمَة ضَعِيفَة وَلَا تزيد على ولَايَة الْأَجْنَبِيّ إِذا كَانَ الصَّغِير فِي حجره.
وَلَكِن يَنْبَغِي أَن يسْتَثْنى من الْقَاعِدَة مَا ذكرُوا من أَن الْمُتَوَلِي لَا يملك الْعَزْل وَالنّصب لأرباب الْجِهَات بِدُونِ أَن يشْتَرط الْوَاقِف ذَلِك لَهُ، ويملكه القَاضِي بِدُونِ شَرط.
وَكَذَلِكَ يملك القَاضِي إقراض مَال الصَّغِير دون الْأَب وَالْوَصِيّ.
وَكَذَلِكَ يملك القَاضِي الاستقراض للْوَقْف واستبداله بِشُرُوطِهِ وإيجاره مُدَّة طَوِيلَة عِنْد مَسِيس الْحَاجة إِلَى تعميره، وَلَا يملك الْمُتَوَلِي ذَلِك.
(تَنْبِيه)
إِن مَا ذكر من أَن القَاضِي لَا يملك التَّصَرُّف مَعَ وجود وَصِيّ أَو متول وَلَو من قبله مُقَيّد بِغَيْر مداخلته بِالسَّبَبِ الْعَام، أما بِهِ فَإِنَّهُ يتداخل، فَإِنَّهُ يُحَاسب