للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمَعْنَاهَا أَن مَا كَانَ ثَابتا متيقناً لَا يرْتَفع بِمُجَرَّد طروء الشَّك عَلَيْهِ، لِأَن الْأَمر اليقيني لَا يعقل أَن يُزِيلهُ مَا هُوَ أَضْعَف مِنْهُ بل مَا كَانَ مثله أَو أقوى.

هَذَا، وَلَا فرق بَين أَن يكون الْيَقِين السَّابِق: (١) مقتضياً للحظر، (٢) أَو مقتضياً للْإِبَاحَة، فَإِن الْعُمْدَة عَلَيْهِ فِي كلتا الْحَالَتَيْنِ، وَلَا يلْتَفت إِلَى الشَّك فِي عرُوض الْمُبِيح على الأول، وعروض الحاظر على الثَّانِي.

فَمن الْقسم الأول: مَا لَو غَابَ إِنْسَان غيبَة مُنْقَطِعَة بِحَيْثُ لَا يعلم مَوته وَلَا حَيَاته، فَإِن الْمُعْتَبر الْيَقِين السَّابِق، وَهُوَ حَيَاته، إِلَى أَن يعلم مَوته بِالْبَيِّنَةِ أَو بِمَوْت جَمِيع أقرانه وَإِن كَانَ احْتِمَال مَوته قَائِما فِي كل لَحْظَة، فَلَا يجوز قبل ذَلِك قسْمَة مَاله بَين الْوَرَثَة، وَلَو كَانَ لَهُ وَدِيعَة عِنْد آخر فَيجب على الْمُسْتَوْدع حفظهَا، فَلَو أَعْطَاهَا للْوَرَثَة يكون ضَامِنا. (ر: الْمَادَّة / ٧٨٥ / من الْمجلة) وَمن الْقسم الثَّانِي: الْفُرُوع الْآتِيَة الذّكر:.

(ثَانِيًا: التطبيق)

يتَفَرَّع على هَذِه الْقَاعِدَة مسَائِل: (أ) مِنْهَا: مَا إِذا كَانَ إِنْسَان يعلم أَن بكرا مديون لعَمْرو بِأَلف مثلا، فَإِنَّهُ يجوز لَهُ أَن يشْهد على بكر بِالْألف وَإِن خامره الشَّك فِي وفائها أَو فِي إِبْرَاء الدَّائِن لَهُ عَنْهَا، إِذْ لَا عِبْرَة للشَّكّ فِي جَانب الْيَقِين السَّابِق.

(ب) وَمِنْهَا: مَا إِذا كَانَ يعلم أَن الْعين الْفُلَانِيَّة كَانَت ملك بكر ثمَّ نازعه فِيهَا أحد، فَإِنَّهُ يجوز لَهُ أَن يشْهد لبكر بِأَن الْعين ملكه وَإِن كَانَ يحْتَمل أَنه بَاعهَا لمن ينازعه.

(ج) وَمِنْهَا: مَا لَو ادّعى زيد على عَمْرو ألفا مثلا فَأَقَامَ عَمْرو بَيِّنَة على الْأَدَاء أَو الْإِبْرَاء، فَأَقَامَ زيد أَيْضا بَيِّنَة على أَن لَهُ عَلَيْهِ ألفا، فَإِن بَيِّنَة زيد هَذِه لَا تقبل من غير أَن يبرهن أَن الْألف الْمَشْهُود عَلَيْهَا هِيَ غير تِلْكَ الْألف الَّتِي ادّعى عَمْرو أداءها أَو الْإِبْرَاء عَنْهَا، لِأَن فرَاغ ذمَّة عَمْرو بعد الْبَيِّنَة الَّتِي أَقَامَهَا أصبح يَقِينا، وَالْألف الَّتِي أَقَامَ زيد عَلَيْهَا الْبَيِّنَة مُطلقَة، فَيحْتَمل أَن تكون هِيَ

<<  <   >  >>