مِنْهُمَا بِمَا يَقْتَضِيهِ. من ذَلِك الْمَسْأَلَة التالية: رجل قَالَ لامْرَأَته: إِن لم أطلقك الْيَوْم ثَلَاثًا فَأَنت طَالِق، ثمَّ أَرَادَ أَن لَا يُطلق امْرَأَته وَلَا يصير حانثاً. قَالُوا: الْحِيلَة فِي هَذَا مَا رُوِيَ عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى _ وَعَلِيهِ الْفَتْوَى _ أَن يَقُول لامْرَأَته فِي الْيَوْم: أَنْت طَالِق ثَلَاثًا على ألف دِرْهَم، فَإِذا قَالَ لَهَا ذَلِك تَقول الْمَرْأَة: لَا أقبل، فَإِذا قَالَت الْمَرْأَة ذَلِك وَمضى الْيَوْم كَانَ الزَّوْج باراً فِي يَمِينه وَلَا يَقع الطَّلَاق؛ لِأَنَّهُ طَلقهَا فِي الْيَوْم ثَلَاثًا وَإِنَّمَا لم يَقع الطَّلَاق عَلَيْهَا لرد الْمَرْأَة، وَهَذَا لَا يخرج كَلَام الزَّوْج من أَن يكون تطليقاً. (ر: حَاشِيَة الرَّمْلِيّ على جَامع الْفُصُولَيْنِ من الْبَاب الرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ صفحة / ٢١٣ / نقلا عَن الْخَانِية) .
فقد عمل فِي الْفَرْع الْمَذْكُور بكليهما: عمل بالمقتضي، وَهُوَ اعْتِبَار الزَّوْج موقعاً للطَّلَاق الثَّلَاث عَلَيْهَا على ألف فَلِذَا لم يَحْنَث فِي يَمِينه، وَعمل بالمانع من وُقُوع الثَّلَاث، وَهُوَ رد الْمَرْأَة وَعدم قبُولهَا.
(تَنْبِيه آخر:)
لَا فرق فِي تَقْدِيم الْمَانِع على الْمُقْتَضِي بَين أَن يجيئا مَعًا، كأكثر الْفُرُوع المخرجة على الْقَاعِدَة، أَو يطْرَأ الْمَانِع على الْمُقْتَضِي قبل حُصُول الْمَقْصُود من الْمُقْتَضِي، فَإِنَّهُ يقدم الْمَانِع كَمَا لَو شهد لامْرَأَة أَجْنَبِيَّة عَنهُ ثمَّ تزَوجهَا قبل الْقَضَاء بِشَهَادَتِهِ، أَو شهد وَلَيْسَ بأجير ثمَّ صَار أَجِيرا _ أَي أَجِيرا خَاصّا _ قبل الْقَضَاء بِشَهَادَتِهِ بطلت شَهَادَته فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (ر: معِين الْحُكَّام، الْفَصْل السَّابِع من فُصُول مُقَدّمَة الْفَصْل السَّابِع، فِي ذكر الْبَينَات، ص / ١٠٨) .