التَّوْكِيل بِالْبيعِ لَا تقف صِحَّته على الْقَبْض. وَكَذَلِكَ لَو رهن مشَاعا وسلطه على بَيْعه، فالرهن بَاطِل للشيوع، وَالْوكَالَة بِالْبيعِ صَحِيحَة. (ر: الْبَدَائِع / ١٣٥ - ١٣٦ كتاب الرَّهْن) .
يقطع الشَّك فِي ذَلِك مَا جَاءَ فِي التَّنْقِيح نقلا عَن الْفَتَاوَى الْكُبْرَى للصدر الشَّهِيد حَيْثُ أفتى فِيمَن آجر عقار الْوَقْف إِجَارَة طَوِيلَة، فأنفق الْمُسْتَأْجر فِي عِمَارَته بِأَمْر الْمُؤَجّر، بِأَنَّهُ إِن كَانَ للمؤجر ولَايَة فِي الْوَقْف فعلى الْمُسْتَأْجر أجر الْمثل فِي الْمدَّة الَّتِي كَانَت فِي يَده، لَا عِبْرَة بِمَا سمى. وَفِي هَامِش التَّنْقِيح مَا لَفظه: قَوْله " فعلى الْمُسْتَأْجر أجر الْمثل " أَي لِأَن الْإِجَارَة الطَّوِيلَة الزَّائِدَة على سنة فَاسِدَة. (انْتهى) . وَيرجع الْمُسْتَأْجر بِالَّذِي أنْفق فِي غلَّة الْوَقْف. وَإِن لم يكن للمؤجر ولَايَة فِي الْوَقْف فالمستأجر مُتَطَوّع لَا يرجع لَا على الْمُؤَجّر وَلَا على غلَّة الْوَقْف، لِأَنَّهُ لما لم يكن لَهُ ولَايَة كَانَ وجود الْأَمر كَعَدَمِهِ، وَلَو أنْفق بِدُونِ أَمر لَا يرجع على أحد (انْتهى مُلَخصا) .
فقد اعْتبر الْإِذْن وَجعله مُوجبا للرُّجُوع مَعَ أَن الْإِجَارَة فَاسِدَة، وَمَا ذَلِك إِلَّا لكَون الْإِذْن بِالْإِنْفَاقِ لَيْسَ خَاصّا بالمستأجر، وَلكَون إِنْفَاق الْمُسْتَأْجر على الْعقار لَيْسَ من مواجب العقد وَلَا حكما من أَحْكَامه، فَذكره وَالْإِذْن بِهِ بعد العقد لَا يَجعله من متضمنات العقد فَلَا يفْسد بفساده. وَنقل فِي التَّنْقِيح، من الْإِجَارَة، عَن أَوَائِل إِجَارَة " الْخَيْرِيَّة " مَا يُوَافق ذَلِك. وعَلى هَذَا فَمَا وجد فِي التَّنْقِيح فِي عدَّة محلات من الْوَقْف وَالْإِجَارَة مُصَرحًا فِيهَا بِفساد الْإِذْن لفساد الْإِجَارَة مُسْتَندا فِي ذَلِك تَارَة لإِطْلَاق قَوْلهم: " إِذا بَطل المتضمن بَطل المتضمن " وَتارَة لقَولهم: " إِذا آجر الْمَوْقُوف عَلَيْهِ وَلم يكن مُتَوَلِّيًا وَأذن للْمُسْتَأْجر بالعمارة فأنفق كَانَ مُتَطَوعا ". فَمَا كَانَ فِيهِ فَسَاد الْإِذْن لعدم أَهْلِيَّة الْآذِن وَعدم ولَايَة الْإِذْن لَا يعول عَلَيْهِ، بل هُوَ سَهْو ظَاهر. وَقد أفتى فِي الحامدية، فِي الْإِجَارَة، بِاعْتِبَار إِذن الْمُتَوَلِي للْمُسْتَأْجر مِنْهُ إِجَارَة فَاسِدَة بتعمير مَا تحْتَاج إِلَيْهِ العقارات من مَاله، ليَكُون مَا صرفه مرْصدًا لَهُ على رَقَبَة الْمَأْجُور، وَبِأَن للمتولي محاسبته بِتمَام أجر الْمثل ومساقطته بِهِ من الْمبلغ الَّذِي صرفه بعد ثُبُوت المرصد.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute