للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَهَذِهِ مقتضيات التَّرْجِيح الأولية الَّتِي يتقوى بهَا زعم أحد المتنازعين على الآخر، وَالَّتِي يجمعها كلمتا: الأَصْل وَالظَّاهِر.

ثمَّ إِن هَذَا الأَصْل وَالظَّاهِر إِذا تَعَارضا مَعَ بعضهما تقدم جِهَة الظَّاهِر، لِأَنَّهُ أَمر عَارض على الأَصْل يدل على خِلَافه، وَقدمنَا، فِي أول الْكَلَام على الْمَادَّة الْخَامِسَة على رد الْمُحْتَار عَن الزَّيْلَعِيّ " أَن الأَصْل إِذا اعْترض عَلَيْهِ دَلِيل خِلَافه بَطل ". وَذَلِكَ: كالقضاء بِالنّكُولِ فَإِن اعْتِبَاره فِي الْأَحْكَام لَيْسَ إِلَّا رُجُوعا إِلَى مُجَرّد الْقَرِينَة الظَّاهِرَة، فَقدمت على أصل بَرَاءَة الذِّمَّة. (ر: معِين الْحُكَّام، الْبَاب الْحَادِي وَالْخمسين) .

وكما فِي مَسْأَلَة الْعنين إِذا ادّعى الْوُصُول إِلَى زَوجته الَّتِي تزَوجهَا بكرا وَأنْكرت الْوُصُول إِلَيْهَا، وَقَالَ النِّسَاء إِنَّهَا ثيب، فَإِن الْوُصُول إِلَيْهَا من الْأُمُور الْعَارِضَة فَالْأَصْل عَدمه، لَكِن لما عَارضه الظَّاهِر، وَهُوَ الثيوبة، قدم عَلَيْهِ فَكَانَ القَوْل للزَّوْج.

وكما فِي مَسْأَلَة اخْتِلَاف الزَّوْجَيْنِ فِي مِقْدَار الْمهْر الْمُسَمّى، الْمُتَقَدّمَة، إِذا كَانَ مهر الْمثل شَاهدا لقَوْل الزَّوْجَة، فَإِن الأَصْل، وَهُوَ عدم الزِّيَادَة الَّتِي تدعيها الْمَرْأَة، شَاهد للزَّوْج، وَلَكِن لما عَارضه الظَّاهِر، الَّذِي هُوَ شَهَادَة مهر الْمثل المؤيدة لدعوى الْمَرْأَة بِالزِّيَادَةِ، قدم عَلَيْهِ، فَكَانَ القَوْل قَوْلهَا.

وَكَذَلِكَ مَسْأَلَة اخْتِلَاف متبايعي الْعقار فِي كَون البيع باتاً أَو وَفَاء، الْمُتَقَدّمَة، فَإِنَّهُ قدم فِيهَا الظَّاهِر على الأَصْل حينما كَانَ الثّمن دون ثمن الْمثل.

وكما فِي مَسْأَلَة الِاسْتِصْحَاب المعكوس إِذا دلّ تحكيم الْحَال لمن يَدعِي وجود مَا أَصله الْعَدَم فَإِنَّهُ يقدم قَوْله. (ر: مَا تقدم فِي شرح الْمَادَّة الْخَامِسَة) .

وكما لَو أشهد المُشْتَرِي أَنه يَشْتَرِي هَذَا الشَّيْء لفُلَان، ثمَّ بعد أَن اشْتَرَاهُ ادّعى فلَان أَن شِرَاءَهُ كَانَ بأَمْره وَأَرَادَ أَخذه، وَأنكر المُشْتَرِي كَونه بأَمْره، فَالْقَوْل لفُلَان. (ر: رد الْمُحْتَار، مُلَخصا من أَوَائِل بَاب الْفُضُولِيّ، عَن قَول الشَّارِح: " قيد بِالْبيعِ لِأَنَّهُ لَو اشْترى لغيره نفذ عَلَيْهِ ") . فَإِن الأَصْل عدم الْأَمر من فلَان،

<<  <   >  >>