وإرادتهم فَيفْسد نظام الْكَوْن بل يَسْتَحِيل أَن يكون لَهُ نظام بل يَسْتَحِيل وجود مُمكن من الممكنات لِأَن كل مُمكن لَا بُد أَن يتَعَلَّق بِهِ الإيجاد على حسب الْعُلُوم والإرادات الْمُخْتَلفَة فَيلْزم أَن يكون للشىء الْوَاحِد وجودات مُتعَدِّدَة وَهُوَ محَال فَلَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله لفسدتا لَكِن الْفساد مُمْتَنع بالبداهة فَهُوَ جلّ شَأْنه وَاحِد فِي ذَاته وَصِفَاته لَا شريك لَهُ فِي وجوده وَلَا فِي أَفعاله
الصِّفَات السمعية الَّتِى يجب الإعتقاد بهَا
مَا قدمنَا من الصِّفَات الَّتِى يجب الِاعْتِقَاد بثبوتها لواجب الْوُجُود هى مَا أرشد إِلَيْهِ الْبُرْهَان وَجَاءَت الشَّرِيعَة الإسلامية وَمَا تقدمها من الشَّرَائِع المقدسة لتأييده والدعوة إِلَيْهِ بِلِسَان نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولسان من سبقه من الْأَنْبِيَاء صلوَات الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ
وَمن الصِّفَات مَا جَاءَ ذكره على لِسَان الشَّرْع وَلَا يحيله الْعقل إِذا حمل على مَا يَلِيق بِوَاجِب الْوُجُود وَلَكِن لَا يهتدى إِلَيْهِ النّظر وَحده وَيجب الِاعْتِقَاد بِأَنَّهُ جلّ شَأْنه متصف بهَا اتبَاعا لما قَرَّرَهُ الشَّرْع وَتَصْدِيقًا لما أخبر بِهِ فَمن تِلْكَ الصِّفَات صفة الْكَلَام فقد ورد أَن الله كلم بعض انبيائه ونطق الْقُرْآن بِأَنَّهُ كَلَام الله فمصدر الْكَلَام المسموع عَنهُ سُبْحَانَهُ لَا بُد أَن يكون شَأْنًا من شؤونه قَدِيما بقدمه أما الْكَلَام المسموع نَفسه الْمعبر عَن ذَلِك الْوَصْف الْقَدِيم فَلَا خلاف فِي حُدُوثه وَلَا فى أَنه خلق من خلقه وخصص بالاسناد إِلَيْهِ لاختياره لَهُ سُبْحَانَهُ فِي الدّلَالَة على مَا أَرَادَ إبلاغه لخلقه وَلِأَنَّهُ صادر عَن مَحْض قدرته ظَاهرا وَبَاطنا بِحَيْثُ لَا مدْخل لوُجُود آخر بِوَجْه من الْوُجُوه سوى أَن من جَاءَ على لِسَانه مظهر لصدوره وَالْقَوْل بِخِلَاف ذَلِك مصادرة للبداهة وتجرؤ على مقَام الْقدَم بِنِسْبَة التَّغَيُّر والتبدل إِلَيْهِ فَإِن الْآيَات الَّتِى يقْرؤهَا القارىء تحدث وتفنى بالبداهة كلما تليت
وَالْقَائِل بقدم الْقُرْآن المقروء أشنع حَالا وأضل اعتقادا من كل مِلَّة جَاءَ