الْمَعيشَة أَو فى صِحَة الْبدن أَو فى حفظ النَّفس أَو المَال أَو الْعرض أَو فى زِيَادَة تعلق الْقلب بِاللَّه جلّ شَأْنه كَمَا هُوَ مفصل فى الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة وَقد يكون من الْأَعْمَال الشَّرْعِيَّة وَقد يكون من الْأَعْمَال مَالا يُمكن دَرك حسنه وَمن المنهيات مَالا يعرف وَجه قبحه وَهَذَا النَّوْع لَا حسن لَهُ إِلَّا الْأَمر وَلَا قبح إِلَّا النهى وَالله أعلم
الرسَالَة الْعَامَّة
نُرِيد من الرسَالَة الْعَامَّة بعثة الرُّسُل لتبليغ شىء من العقائد وَالْأَحْكَام عَن الله خَالق الْإِنْسَان وموفيه مَالا غنى لَهُ عَنهُ كَمَا وفى غَيره من الكائنات سداد حاجاتها ووفاء وجودهَا على الْقدر الذى حدد لَهَا فى رُتْبَة نوعها من الْوُجُود وَالْكَلَام فى هَذَا الْبَحْث من وَجْهَيْن الأول وَهُوَ أيسرهما على الْمُتَكَلّم وَجه أَن الِاعْتِقَاد ببعثة الرُّسُل ركن من أَرْكَان الْإِيمَان فَيجب على كل مُؤمن ومؤمنة أَن يعْتَقد بِأَن الله أرسل رسلًا من الْبشر مبشرين بثوابه ومنذرين بعقابه قَامُوا بتبليغ أممهم مَا أَمرهم بتبليغه من تَنْزِيه لذاته وتبيين لسلطانه القاهر على عباده وتفصيل لأحكامه فى فَضَائِل أَعمال وصفات يطالبهم بهَا وفى مثالب الْأَفْعَال وخلائق ينهاهم عَنْهَا وَأَن يعْتَقد بِوُجُوب تصديقهم فى أَنهم يبلغون ذَلِك عَن الله وَوُجُوب الِاقْتِدَاء بهم فى سيرهم والائتمار بِمَا أمروا بِهِ والكف عَمَّا نهواعنه وَأَن يعْتَقد بِأَن مِنْهُم من أنزل الله عَلَيْهِ كتبا تشْتَمل على مَا أَرَادَ أَن يبلغوه من الْخَبَر عَنهُ وَمن الْحُدُود وَالْأَحْكَام الَّتِى علم الْخَيْر لِعِبَادِهِ فى الْوُقُوف عِنْدهَا وَأَن هَذِه الْكتب الَّتِى أنزلت عَلَيْهِم حق وَأَن يُؤمن بِأَنَّهُم مؤيدون من الْعِنَايَة الإلهية بِمَا لَا يعْهَد للعقول وَلَا للاستطاعة البشرية وَأَن هَذَا الْأَمر الْفَائِق لمعروف للبشر هُوَ المعجزة الدَّالَّة على صدق النبى فى دَعْوَاهُ فَمَتَى ادّعى الرَّسُول النُّبُوَّة وَاسْتدلَّ عَلَيْهَا بالمعجزة وَجب التَّصْدِيق برسالته
وَمن لَوَازِم ذَلِك بِالضَّرُورَةِ وجوب الِاعْتِقَاد بعلو فطرتهم وَصِحَّة عُقُولهمْ وَصدقهمْ فى أَقْوَالهم وأمانتهم فى تَبْلِيغ مَا عهد اليهم أَن يبلغوه وعصمتهم