وَمِنْهُم من يطْلب علمهَا مَعَ مُرَاعَاة أَن ذَلِك دين يتعبد بِهِ واعتقاد بشئون لإله عَظِيم يعبد بالتحميد والتعظيم وَيجب الِاحْتِيَاط فى ينزيهه حَتَّى بعفة اللِّسَان عَن النُّطْق بِمَا يُوهم نقصا فى جَانِبه فيتبرأ من تِلْكَ الْأَلْفَاظ مفردها ومركبها فَإِن الْوُجُوب عَلَيْهِ يُوهم التَّكْلِيف والإلزام وَبِعِبَارَة أُخْرَى يُوهم الْقَهْر والتأثر بالأغيار ورعاية الْمصلحَة توهم إِعْمَال النّظر وإجالة الْفِكر وهما من لَوَازِم النَّقْص فى الْعلم والغاية وَالْعلَّة الغائية وَالْغَرَض توهم حَرَكَة فى نفس الْفَاعِل من قبل البدء فى الْعَمَل إِلَى نهايته وفيهَا مَا فى سوابقها وَلَكِن الله أكبر هَل يَصح ان تكون سَعَة المجال أَو التعفف فى الْمقَال سَببا فى التَّفْرِقَة بَين الْمُؤمنِينَ وتماريهم فى الْجِدَال حَتَّى ينتهى بهم التَّفَرُّق إِلَى مَا صَارُوا إِلَيْهِ من سوء الْحَال
أَفعَال الْعباد
كَمَا يشْهد سليم الْعقل والحواس من نَفسه أَنه مَوْجُود وَلَا يحْتَاج فى ذَلِك إِلَى دَلِيل يهديه وَلَا معلم يرشده كَذَلِك يشْهد أَنه مدرك لأعماله الإختيارية يزن نتائجها بعقله ويقدرها بإرادته ثمَّ يصدرها بقدرة مافيه ويعد إِنْكَار شىء من ذَلِك مُسَاوِيا لإنكار وجوده فى مجافاته لبداهة الْعقل
كَمَا يشْهد بذلك فى نَفسه يشهده أَيْضا فى بنى نَوعه كَافَّة مَتى كَانُوا مثله فى سَلامَة الْعقل والحواس وَمَعَ ذَلِك فقد يُرِيد إرضاء خَلِيل فيغضبه وَقد يطْلب كسب رزق فيفوته وَرُبمَا سعى إِلَى منجاة فَسقط فى مهلكة فَيَعُود باللائمة على نَفسه إِن كَانَ لم يحكم النّظر فى تَقْدِير فعله ويتخذ من خيبته أول مرّة مرشدا لَهُ فى الآخرى فيعاود الْعَمَل من طَرِيق أقوم وبوسائل أحكم ويتقد غيظه على من حَال بَينه وَبَين مَا يشتهى إِن كَانَ سَبَب الإخفاق فى الْمَسْعَى مُنَازعَة