قيدوه ولجوا فى مقاومته وَإِن أدّى ذَلِك إِلَى جحد الْعقل برمتِهِ فأكثرهم يعْتَقد فيستدل وقلما نجد بَينهم من يسْتَدلّ ليعتقد فَإِن صَاح بهم صائح من عماق سرائرهم ويل للخابط ذَلِك قلب لسنة الله فى خلقه وتحريفلهدية وتحريف لهدية فى شَرعه عرتهم هزة من الْجزع ثمَّ عَادوا إِلَى السّكُون محتجين بِأَن هَذَا هُوَ المألوف وَمَا أَقَمْنَا إِلَّا على مَعْرُوف وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه العلى الْعَظِيم
حسن الْأَفْعَال وقبحها
الْأَفْعَال الإنسانية الإختيارية لَا تخرج عَن أَن تكون من الأكوان الْوَاقِعَة تَحت مداركنا وَمَا تنفعل بِهِ نفوسنا عِنْد الإحساس بهَا أَو استحضار صورها يشابه كل المشابهة مَا تنفعل بِهِ عِنْد وُقُوع بعض الكائنات تَحت حواسنا أَو حُضُورهَا فى مخيلاتنا وَذَلِكَ بديهى لَا يحْتَاج إِلَى دَلِيل
نجد فى أَنْفُسنَا بِالضَّرُورَةِ تمييزا بَين الْجَمِيل من الْأَشْيَاء والقبيح مِنْهَا فان اخْتلفت مشارب الرِّجَال فى فهم جمال النِّسَاء أَو مشارب النِّسَاء فى معنى جمال الرِّجَال فَلم يخْتَلف أحد فى جمال ألوان الأزهار وتنضيد اوراق النباتات وَالْأَشْجَار خُصُوصا إِذا كَانَت أوضاع الزهر على أشكال تمثل الائتلاف والتناسب بَين تِلْكَ الألوان بَعْضهَا مَعَ بعض وَلَا فى قبح الصُّورَة الممثل بهَا بتهشيم بعض أَجْزَائِهَا وَانْقِطَاع الْبَعْض الآخر على غير نظام وانفعال أَنْفُسنَا من الْجَمِيل بهجة أَو إعجاب وَمن الْقَبِيح اشمئزاز أَو جزع وكما يَقع هَذَا التَّمْيِيز فى المبصرات يَقع فى غَيرهَا من المسموعات والملموسات والمذوقات والمشمومات كَمَا هُوَ مَعْرُوف لكل حساس من بنى آدم بِإِحْدَى تِلْكَ الْحَواس
لَيْسَ هَذَا مَوضِع تَحْدِيد مَا هُوَ الْجمال وَمَا هُوَ الْقبْح فى الْأَشْيَاء وَلَكِن لَا يخالفنا أحد فى أَن من خَواص الْإِنْسَان بل وَبَعض الْحَيَوَان التَّمْيِيز بَينهمَا وعَلى هَذَا قَامَت الصناعات على اخْتِلَاف أَنْوَاعهَا وَبِه ارْتقى الْعمرَان فى أطواره