مَحْض الْفَيْض الإلهى لِأَن تتصل بالأفق الْأَعْلَى وتنتهى من الإنسانية إِلَى الذرْوَة الْعليا وَتشهد من أَمر الله شُهُود العيان مالم يصل غَيرهَا إِلَى تعقله أَو تحسسه بعصى الدَّلِيل والبرهان وتتلقى عَن الْعَلِيم الْحَكِيم مَا يَعْلُو وضوحا على مَا يتلقاه أَحَدنَا عَن أساتذة التعاليم ثمَّ تصدر عَن ذَلِك الْعلم إِلَى تَعْلِيم مَا علمت ودعوة النَّاس إِلَى مَا حملت على إبلاغه إِلَيْهِم وَأَن يكون ذَلِك سنة لله فى كل أمة وفى كل زمَان على حسب الْحَاجة يظْهر برحمته من يختصه بعنايته ليفى للإجتماع بِمَا يضْطَر إِلَيْهِ من مصْلحَته إِلَى أَن يبلغ النَّوْع الإنسانى أشده وَتَكون الْأَعْلَام الَّتِى نصبها لهدايته إِلَى سعادته كَافِيَة فى إرشاده فتختم الرسَالَة ويغلق بَاب النُّبُوَّة كَمَا سنأتى عَلَيْهِ فى رِسَالَة نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أما وجود بعض الْأَرْوَاح الْعَالِيَة وظهورها لأهل تِلْكَ الْمرتبَة السامية فمما لَا اسْتِحَالَة فِيهِ بعد مَا عرفنَا من أَنْفُسنَا وأرشدنا إِلَيْهِ الْعلم قديمه وَحَدِيثه من اشْتِمَال الْوُجُود على ماهر ألطف من الْمَادَّة وَإِن غيب عَنَّا فأى مَانع من أَن يكون بعض هَذَا الْوُجُود اللَّطِيف مشرقا لشىء من الْعلم الإلهى وَأَن يكون لنفوس الْأَنْبِيَاء إشراف عَلَيْهِ فَإِذا جَاءَ بِهِ الْخَبَر الصَّادِق حملنَا على الإذعان بِصِحَّتِهِ
أما تمثل الصَّوْت وأشباح لتِلْك الْأَرْوَاح فى حس من اختصه الله بِتِلْكَ الْمنزلَة فقد عهد عِنْد أَعدَاء الْأَنْبِيَاء مَالا يبعد عَنهُ فى بعض المصابين بأمراض خَاصَّة على زعمهم فقد سلمُوا أَن بعض معقولاتهم يتَمَثَّل فى خيالهم ويصل إِلَى دَرَجَة المحسوس فَيصدق الْمَرِيض فى قَوْله إِنَّه يرى وَيسمع بل يجالد ويصارع وَلَا شىء من ذَلِك فى الْحَقِيقَة بواقع فان جَازَ التمثل فى الصُّور المعقولة وَلَا منشأ لَهَا إِلَّا فى النَّفس وَإِن ذَلِك يكون عِنْد عرُوض عَارض على المخ فَلم يجوز تمثل الْحَقَائِق المعقولة فى النُّفُوس الْعَالِيَة وَأَن يكون ذَلِك لَهَا عِنْدَمَا تنْزع عَن عَالم الْحس وتنصل بحظائر الْقُدس وَتَكون تِلْكَ الْحَال من لواحق صِحَة الْعقل فى أهل تِلْكَ الدرجَة لاخْتِصَاص مزاجهم بمالا يُوجد فى مزاج غَيرهم وَغَايَة مَا يلْزم عَنهُ أَن يكون لعلاقة أَرْوَاحهم بأبدانهم شَأْن غير مَعْرُوف فى تِلْكَ العلاقة من سواهُم وَهُوَ مِمَّا يسهل قبُوله بل يتحتم