أولاً: جاءت الآيات الدالة على تحريم دعاء الأموات أو الاستغاثة بهم عند قبورهم؛ لطلب الشفاعة، أو طلب الشفاء من المرض، أو لرفع البلاء، أو لغير ذلك من الحاجات، وقد نصت الآيات على تحريم هذا العمل؛ لأن هذه الأمور من العبادة، والعبادة كلها لله وحده، كما قال سبحانه:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ}[البينة: ٥]، وقال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)} [الذاريات: ٥٦]، وقال سبحانه: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (١٨)} [الجن: ١٩] وقال عز وجل: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (١٤)} [غافر: ١٤] وقال سبحانه: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦٢) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (١٦٣)} [الأنعام: ١٦٢ - ١٦٣]، والآيات في هذا المعنى كثيرة.
يقول الشيخ عبدالرحمن بن حسن -رحمه الله-: وفي هذا من الحجج والبراهين ما يبين بطلان ما يعتقده عباد القبور في الأولياء والصالحين. بل في الطواغيت من أنهم ينفعون من دعاهم، ويمنعون من لاذ بحماهم. فسبحان من حال بينهم وبين فهم الكتاب؛ وذلك عدله سبحانه، وهو الذي يحول بين المرء وقلبه، وبه الحول والقوة (١).
ثانياً: أن الله حذر من صرف شيء من العبادة للمخلوقين؛ لأنهم لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً، ولو كانوا يملكون شيئاً لأنفسهم لما ماتوا، وما مرضوا، فإذا كانوا لا يملكون ذلك لأنفسهم فكيف يملكونه لغيرهم!!
ومن الآيات الدالة على ذلك قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٩٤)} [الأعراف: ١٩٤]، وقال سبحانه: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (١٩٧)} [الأعراف: ١٩٧]، وقال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (٥٦)} [الإسراء: ٥٦]، وقال عز وجل: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا