للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (٢٢)} [سبأ: ٢٢]، وقال سبحانه: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (١٣) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (١٤)} [فاطر: ١٣].

ثالثاً: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حذر من اتخاذ القبور وسيلة للشرك وصرف العبادة لغير الله، فعن معاذ - رضي الله عنه - قال: كنت ردف النبي - صلى الله عليه وسلم - على حمار يقال له عُفير، فقال: «يا معاذ، هل تدري حق الله على عباده، وما حق العباد على الله؟»، قلت: الله ورسوله أعلم، قال: «فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا (١)».

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مرضه الذي لم يقم منه: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» قالت: «فلولا ذاك أبرز قبره؛ غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً (٢)».

وعن عمر - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تطروني (٣)، كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا عبد الله، ورسوله (٤)».

يقول ابن تيمية -رحمه الله-: فحرم - صلى الله عليه وسلم - أن تتخذ قبورهم مساجد بقصد الصلوات فيها كما تقصد المساجد، وإن كان القاصد لذلك إنما يقصد عبادة الله وحده؛ لأن ذلك ذريعة، إلا أن


(١) رواه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب اسم الفرس والحمار، ح (٢٨٥٦)، (٤/ ٢٩)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب من لقي الله بالإيمان وهو غير شاك فيه دخل الجنة وحرم على النار، ح (٣٠)، (١/ ٥٨).
(٢) رواه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، ح (١٣٣٠)، (٢/ ٨٨)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد، على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، ح (٥٢٩)، (١/ ٣٧٦).
(٣) الإطراء: مجاوزة الحد في المدح، والكذب فيه، وقيل: أطرى فلان فلانا إذا مدحه بما ليس فيه؛ وذلك أنهم مدحوه بما ليس فيه فقالوا: هو ثالث ثلاثة وإنه ابن الله وما أشبهه من شركهم وكفرهم. ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير، (٣/ ١٢٣)، وتهذيب اللغة، الأزهري، (١٤/ ٨).
(٤) رواه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا} [مريم: ١٦]، ح (٣٤٤٥)، (٤/ ١٦٧).

<<  <   >  >>