للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقصدوا المسجد لأجل صاحب القبر ودعائه والدعاء به والدعاء عنده، فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن اتخاذ هذا المكان لعبادة الله وحده؛ لئلا يتخذ ذريعة إلى الشرك بالله (١).

ويقول ابن عبدالهادي -رحمه الله-: فكل زيادة تتضمن فعل ما نهى عنه وترك ما أمر به كالتي تتضمن الجزع وقول الهجرة، وترك الصبر، أو تتضمن الشرك أو دعاء وترك إخلاص الدين لله فهي منهي عنها (٢).

ويقول الشيخ ابن باز -رحمه الله-: لا يجوز للمسلم أن يتقرب إلى القبور وأصحاب القبور بالذبح أو النذر، نذر الذبائح أو نذر الصدقات، أو ما أشبه ذلك، أو يستغيث بأهل القبور، أو يسألهم قضاء الحاجة، أو شفاء المريض، أو النصر على الأعداء أو حصول الولد، أو ما أشبه ذلك كل هذا لا يجوز، كله من عبادة غير الله، والله سبحانه أنكر ذلك، وأمر عباده أن يعبدوه، قال سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: ٢٣]، وقال: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (١٨)} [الجن: ١٩]، وقال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)} [الفاتحة: ٥] (٣).

رابعاً: أن هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في زيارة القبور أكمل الهدي وأحسنه، ولم ينقل عنه - صلى الله عليه وسلم - أن دعا صاحب القبر أو توسل به أو استعان به من دون الله في: كشف الضر، أو جلب النفع.

يقول ابن القيم -رحمه الله-: كان - صلى الله عليه وسلم - إذا زار قبور أصحابه يزورها للدعاء لهم، والترحم عليهم، والاستغفار لهم، وهذه هي الزيارة التي سنها لأمته، وشرعها لهم، وأمرهم أن يقولوا إذا زاروها: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية (٤)».

وكان هديه - صلى الله عليه وسلم - أن يقول ويفعل عند زيارتها، من جنس ما يقوله عند الصلاة على الميت، من الدعاء والترحم والاستغفار. فأبى المشركون إلا دعاء الميت والإشراك به، والإقسام على الله به، وسؤاله الحوائج، والاستعانة به، والتوجه إليه، بعكس هديه - صلى الله عليه وسلم - فإنه هدي توحيد وإحسان


(١) مجموع الفتاوى، (١/ ١٦٤).
(٢) الصارم المنكي في الرد على السبكي، ص (٣٢٥).
(٣) فتاوى نور على الدرب، (٢/ ٢٠).
(٤) رواه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، ح (٩٧٥)، (٢/ ٦٧١).

<<  <   >  >>