للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التوجيه العقدي الصحيح لهذه النازلة كالآتي:

أولاً: أن طريقة فعل هذه الأدعية والأذكار مبتدعة في الدين وليس لها دليل يثبتها أو يؤيدها، والله سبحانه بين أنه قد أكمل الدين وأتم النعمة على المؤمنين كما قال سبحانه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: ٣]، أي: أكملت لكم أيها المؤمنون، فرائضي عليكم وحدودي، وأمري إياكم ونهيي، وحلالي وحرامي، وتنزيلي من ذلك ما أنزلت منه في كتابي، وتبياني ما بيَّنت لكم منه بوحيي على لسان رسولي، والأدلة التي نصبتُها لكم على جميع ما بكم الحاجة إليه من أمر دينكم، فأتممت لكم جميع ذلك، فلا زيادة فيه بعد هذا اليوم (١).

وقد وردت أدلة دالة على وجوب الالتزام بالأذكار الواردة في الكتاب والسنة، كقوله سبحانه: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُو فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء: ١١٠]، وقوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: ١٨٠]، أي ادعوا الله بأسمائه التي سمى بها نفسه، أو سماه بها رسوله، ففيه دليل على أن أسماء الله تعالى توقيفية لا اصطلاحية، ومما يدل على صحة هذا القول ويؤكده: أنه يجوز أن يقال يا جواد، ولا يجوز أن يقال يا سخي، ويجوز أن يقال يا عالم، ولا يجوز أن يقال يا عاقل (٢).

قال القاضي عياض -رحمه الله-: أذن الله في دعائه وعلم الدعاء في كتابه لخليقته، وعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - الدعاء لأمته، واجتمعت فيه ثلاثة أشياء: العلم بالتوحيد، والعلم باللغة، والنصيحة للأمة، فلا ينبغي لأحد أن يعدل عن دعائه - صلى الله عليه وسلم -، وقد احتال الشيطان للناس من هذا المقام؛ فقيض لهم قوم سوء يخترعون لهم أدعية يشتغلون بها عن الاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - (٣).

وقال القرطبي -رحمه الله-: فعلى الإنسان أن يستعمل ما في كتاب الله وصحيح السنة من الدعاء ويدع ما سواه، ولا يقول أختار كذا، فإن الله تعالى قد اختار لنبيه وأوليائه وعلمهم كيف يدعون (٤).


(١) ينظر: تفسير الطبري، (٩/ ٥١٨).
(٢) ينظر: لباب التأويل في معاني التنزيل، الخازن، (٢/ ٢٧٦).
(٣) الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية، ابن علان، (١/ ١٧).
(٤) الجامع لأحكام القرآن، (٤/ ٢٣١).

<<  <   >  >>