للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التوجيه العقدي الصحيح لهذه النازلة كالآتي:

أولاً: لا يصح وصف وباء كرونا بأنه جند من جنود الله؛ لأن الآية: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} [المدثر: ٣١]، جاءت في سياق وصف للملائكة بهذا الوصف، وليس هناك دليل أو مسوغ شرعي يدل على خلاف هذا الوصف، وهذا القول هو ما ذكره العلماء من أهل التفسير وغيرهم بأن الآية لا تأتي إلا في وصف الملائكة والاستدلال بهم.

ومن الأدلة التي توضح هذا الأمر ما ورد في حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حدثهم ليلة أسري به قال: «تصعدت أنا وجبريل إلى السماء الدنيا، فإذا أنا بملك، يقال له: إسماعيل، وهو صاحب سماء الدنيا، وبين يديه سبعون ألف ملك، مع كل ملك جنده مائة ألف»، وتلا هذه الآية: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} [المدثر: ٣١] (١).

قال عطاء -رحمه الله-: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} من الملائكة الذين خلقهم؛ لتعذيب أهل النار، ولا يعلم عدتهم إلا الله (٢).

وقال القرطبي -رحمه الله-: وهم الملائكة، يقوون المؤمنين بما يلقون في قلوبهم من الخواطر والتثبيت، ويضعفون الكافرين بالتجبين لهم من حيث لا يرونهم ومن غير قتال (٣).

وقال ابن عطيه -رحمه الله-: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ}: إعلاماً بأن الأمر فوق ما يتوهم وأن الخبر إنما هو عن بعض القدرة لا عن كلها، والسماء كلها عامرة بأنواع من الملائكة كلهم في عبادة متصلة وخشوع دائم وطاعة لا فترة في شيء من ذلك ولا دقيقة واحدة (٤).

وقال ابن تيمية -رحمه الله- في تفسير الآية: الذي في الكتاب والسنة من ذكر الملائكة وكثرتهم أمر لا يحصر (٥).


(١) رواه الطبري في التفسير، (١٧/ ٣٥٤)، والطبراني في الأوسط، ح (٧٠٩٧)، (٧/ ١٣٨)، والآجري في الشريعة، ح (١٠٢٧)، (٣/ ١٥٢٩).
(٢) ينظر: معالم التنزيل، البغوي، (٥/ ١٧٨)، وزاد المسير، ابن الجوزي، (٤/ ٣٦٤).
(٣) الجامع لأحكام القرآن، (٨/ ١٠١).
(٤) المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، (٥/ ٣٩٧).
(٥) مجموع الفتاوى، (٤/ ١٢٠).

<<  <   >  >>