للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(١٧٣)} [الصافات: ١٧٣]، فجند الله لهم الغلبة والنصرة في العاقبة؛ لأنهم ينجون من عذاب الدنيا والآخرة (١)، وقيل: أي سبق الوعد بنصرهم بالحجة والغلبة (٢).

قال الألوسي -رحمه الله-: وظاهر السياق يقتضي أن ذلك في الدنيا وأنه بطريق القهر والاستيلاء والنيل من الأعداء إما بقتلهم أو تشريدهم أو إجلائهم عن أوطانهم أو استئسارهم أو نحو ذلك، والجملتان دالتان على الثبات والاستمرار فلا بد من أن يقال: إن استمرار ذلك عرفي، وقيل: هو على ظاهره واستمرار الغلبة للجند مشروط بما تشعر به الإضافة فلا يغلب اتباع المرسلين في حرب إلا لإخلالهم بما تشعر به بميل ما إلى الدنيا، أو ضعف التوكل عليه تعالى، أو نحو ذلك، ويكفي في نصرة المرسلين إعلاء كلمتهم وتعجيز الخلق عن معارضتهم، وحفظهم من القتل في الحروب، ومن الفرار فيها ولو عظمت هنالك الكروب، ولا يخفى وجه التعبير بمنصورون مع المرسلين وبالغالبون مع الجند (٣).

وقال السعدي -رحمه الله-: وهذه بشارة عظيمة، لمن قام بأمر الله وصار من حزبه وجنده، أن له الغلبة، وإن أديل عليه في بعض الأحيان؛ لحكمة يريدها الله تعالى، فآخر أمره الغلبة والانتصار، ومن أصدق من الله قيلا (٤).

وقال الشنقيطي -رحمه الله-: هذه الآية الكريمة تدل على أن الرسل صلوات الله وسلامه عليهم وأتباعهم منصورون دائما على الأعداء بالحجة والبيان، ومن أمر منهم بالجهاد منصور أيضاً بالسيف والسنان، والآيات الدالة على هذا كثيرة; كقوله تعالى: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (٢١)} [المجادلة: ٢١]، وقوله تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (٥١)} [غافر: ٥١]، وقوله تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (٤٧)} [الروم: ٤٧] (٥).


(١) ينظر: التفسير الوسيط، الواحدي، (٣/ ٥٣٥).
(٢) ينظر: الجامع لأحكام القرآن، (١٥/ ١٣٩).
(٣) روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، (١٢/ ١٤٩).
(٤) تفسير الكريم الرحمن، ص (٢٣٦).
(٥) أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، (٦/ ٣٢١).

<<  <   >  >>