للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال في يوم بدر: «هذا جبريل آخذ برأس فرسه، عليه أداة حرب (١)».

وقد بين الله الحكمة والغاية من هذا الإمداد، وهو تثبيت المؤمنين، والمحاربة معهم، وقتال الأعداء، وقتلهم بضرب أعناقهم وأيديهم: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (١٢)} [الأنفال: ١٢]، وقال سبحانه: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١٢٦) لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ} [آل عمران: ١٢٦ - ١٢٧].

وسمع أحد المقاتلين من المسلمين صوت ضربة ملك، ضرب بها أحد الكفار، وصوته وهو يزجر فرسه ... ، فحدث بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «صدقت، ذلك من مدد السماء الثالثة (٢)».

وقد حاربت الملائكة في مواقع أخرى ففي غزوة الخندق أرسل الله ملائكته: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (٩)} [الأحزاب: ٩]، والمراد بالجنود التي لم يروها الملائكة، كما ثبت أن جبريل جاء الرسول - صلى الله عليه وسلم -بعد رجوعه من الخندق وقد وضع سلاحه واغتسل، فأتاه جبريل وهو ينفض رأسه من الغبار، فقال للرسول - صلى الله عليه وسلم -: وضعت السلاح؟ والله ما وضعناه، أخرج إليهم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «فأين؟» فأشار إلى بني قريظة (٣).

خامساً: هذا الوباء يمكن هزيمته والقضاء عليه بالأدوية أو اللقاحات أو غير ذلك، فلا يصح وصفه بأنه من جند الله؛ لأن جند الله لا يغلبون كما قال تعالى: {وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ


(١) رواه البخاري في كتاب المغازي، باب غزوة أحد، ح (٤٠٤١)، (٥/ ٩٤).
(٢) رواه مسلم في كتاب الجهاد والسير، باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر، وإباحة الغنائم، ح (١٧٦٣)، (٣/ ١٣٨٣).
(٣) رواه البخاري في كتاب المغازي، باب مرجع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأحزاب، ومخرجه إلى بني قريظة ومحاصرته إياهم، ح (٤١٢٢)، (٥/ ١١٢)، ومسلم في كتاب الجهاد والسير، باب جواز قتال من نقض العهد، وجواز إنزال أهل الحصن على حكم حاكم عدل أهل للحكم، ح (١٧٦٩)، (٣/ ١٣٨٩).

<<  <   >  >>