للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سبحانه، ثم ربع بما هو أشد تحريما من ذلك كله وهو القول عليه بلا علم، وهذا يعم القول عليه سبحانه بلا علم في أسمائه وصفاته وأفعاله وفي دينه وشرعه (١).

وبين -رحمه الله- في موضع آخر خطورة القول على الله بغير علم، فقال: فهذا أعظم المحرمات عند الله وأشدها إثماً؛ فإنه يتضمن الكذب على الله، ونسبته إلى ما لا يليق به، وتغيير دينه وتبديله، ونفي ما أثبته وإثبات ما نفاه، وتحقيق ما أبطله وإبطال ما حققه، وعداوة من والاه وموالاة من عاداه، وحب ما أبغضه وبغض ما أحبه، ووصفه بما لا يليق به في ذاته وصفاته وأقواله وأفعاله.

فليس في أجناس المحرمات أعظم عند الله منه، ولا أشد إثماً، وهو أصل الشرك والكفر، وعليه أسست البدع والضلالات، فكل بدعة مضلة في الدين أساسها القول على الله بلا علم (٢).

وقد شدد العلماء على من يتجرأ ويفسر القرآن برأيه أو بغير علم.

قال مالك بن أنس -رحمه الله-: ألا أوتى برجل غير عالم بلغات العرب يفسر ذلك إلا جعلته نكالاً (٣).

وقال الواحدي -رحمه الله-: وكيف يتأتى لمن جهل لسان العرب أن يعرف تفسير كتاب جعل معجزة في فصاحة ألفاظه، وبعد أغراضه لخاتم النبيين وسيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم - في زمان أهله يتحلون بالفصاحة، ويتحدون بحسن الخطاب وشرف العبارة، وإن مثل من طلب ذلك مثل من شهد الهيجاء بلا سلاح، ورام أن يصعد الهواء بلا جناح، ثم وإن طال تأمله مصنفات المفسرين، وتتبعه أقوال أهل التفسير من المتقدمين والمتأخرين، فوقف على معاني ما أودعوه كتبهم، وعرف ألفاظهم التي عبروا بها عن معاني القرآن، لم يكن إلا مقلداً لهم فيما حكوه، وعارفاً معاني قول مجاهد، ومقاتل، وقتادة، والسدي، وغيرهم (٤).

وقال ابن تيمية -رحمه الله-: فأما تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام (٥).


(١) إعلام الموقعين عن رب العالمين، (١/ ٣١).
(٢) مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، (١/ ٣٧٨).
(٣) رواه البيهقي في شعب الإيمان، رقم (٢٠٩٠)، (٣/ ٥٤٣).
(٤) التفسير البسيط، (١/ ٤١١).
(٥) مجموع الفتاوى، (١٣/ ٣٧٠).

<<  <   >  >>