للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التوجيه العقدي الصحيح لهذه النازلة كالآتي:

أولاً: الغيب نوعان: النوع الأول غيب مطلق: مختص به جل وعلا وهو ما استأثر به تعالى بعلمه فلم يطلع عليه أحد من خلقه لا نبي مرسل ولا ملك مقرب، فمن ادعى علم الغيب من الناس فقد ادعى لنفسه ما هو من اختصاص الله جل وعلا، وذلك هو المقصود بقوله تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (٥٩)} [الأنعام: ٥٩]، وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (٣٤)} [لقمان: ٣٤].

قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: «هذه الخمسة لا يعلمها إلا الله تعالى، ولا يعلمها ملك مقرب ولا نبي مرسل» (١).

وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مفاتيح الغيب خمس، لا يعلمها إلا الله: لا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله، ولا يعلم ما في غد إلا الله، ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله، ولا تدري نفس بأي أرض تموت إلا الله، ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله» (٢).

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «من حدثك أنه يعلم ما في غد فقد كذب، ثم قرأت: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا} [لقمان: ٣٤]» (٣)، وفي رواية: «مَن زعمَ أنه يُخبر بما يكون في غدٍ فقد أعظَمَ على الله الفرية» (٤).


(١) رواه الواحدي في تفسيره البسيط، (١٨/ ١٢٨).
(٢) رواه البخاري، في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦)} [الجن: ٢٦]، ح (٧٣٧٩)، (٩/ ١١٦).
(٣) رواه البخاري، في كتاب تفسير القرآن، باب قوله: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: ٣٩]، ح (٤٨٥٥)، (٦/ ١٤٠).
(٤) رواه مسلم، في كتاب الإيمان، باب معنى قول الله عز وجل: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣)} [النجم: ١٣]، وهل رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه ليلة الإسراء، ح (١٧٧)، (١/ ١٥٩).

<<  <   >  >>