للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للضرر، واحتمال إزهاق الأرواح؛ فتفوت بذلك مصلحة حفظ النفوس الضرورية، والمسلم معذور على ترك الجمعة والجماعة مخافة المرض.

يقول المرداوي -رحمه الله-: ويعذر في ترك الجمعة والجماعة المريض بلا نزاع، ويعذر أيضا في تركهما؛ لخوف حدوث المرض. (١)

وأما عدم تقيد المصلين بالإجراءات الوقائية يترتب عليه مفسدة هي انتشار الوباء بما لا يمكن التحكم به، وتعريض الناس للضرر، واحتمال إزهاق الأرواح، فتفوت بذلك مصلحة حفظ النفوس الضرورية، وعليه فيرخص في منع إقامة الصلوات في المساجد مؤقتاً حتى يرتفع الضرر أمكن الجمع بين الأمرين؛ درءاً للمفسدة الراجحة.

وقد صدرت فتوى لهيئة كبار العلماء فيما عرض عليها بخصوص الرخصة في عدم شهود صلاة الجمعة والجماعة في حال انتشار الوباء أو الخوف من انتشاره، وباستقراء نصوص الشريعة الإسلامية ومقاصدها وقواعدها وكلام أهل العلم في هذه المسألة فإن هيئة كبار العلماء تبين الآتي:

١ - يحرم على المصاب شهود الجمعة والجماعة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يورد ممرض على مصح» (٢)، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها» (٣).

٢ - مَن قررت عليه جهة الاختصاص إجراءات العزل فإن الواجب عليه الالتزام بذلك، وترك شهود صلاة الجماعة والجمعة ويصلي الصلوات في بيته أو موطن عزله؛ لما رواه الشريد ابن سويد الثقفي -رضي الله عنه- قال: كان في وفد ثقيف رجل مجذوم، فأرسل إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - «إنا قد بايعناك فارجع» (٤).


(١) الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، (٢/ ٣٠٠).
(٢) رواه البخاري في كتاب الطب، باب لا هامة، ح (٥٧٧١)، (٧/ ١٣٨)، ومسلم في كتاب السلام، باب لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر، ولا نوء، ولا غول، ولا يورد ممرض على مصح، ح (٢٢٢١)، (٤/ ١٧٤٣).
(٣) رواه البخاري في كتاب الطب، باب ما يذكر في الطاعون، ح (٥٧٢٨)، (٧/ ١٣٠)، ومسلم في كتاب السلام، باب الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها، ح (٢٢١٨)، (٤/ ١٧٣٧).
(٤) رواه مسلم في كتاب السلام، باب اجتناب المجذوم ونحوه، ح (٢٢٣١)، (٤/ ١٧٥٢).

<<  <   >  >>