قيل: ما إخلاصها يا رسول الله؟ قال: أن تَحْجُزَكَ عما حرَّم
= من النصوص، وما يتوهمونه منها مخصصًا، فليس كذلك، بل ما صح منها مما يورده بهذا الخصوص، فإنما يدل على استحسان بعض الوسائل المحدثة، لأنها قد توصل إلى أمور مشروعة بالنص، فهذه الوسائل هي التي تقبل التقسيم إلى خمسة أقسام، لا البدعة الدينية، وهذا كما يقال: "ما لا يكون الواجب إلا به فهو واجب" ومن ذلك جمع القرآن، وتصنيف الكتب وغير ذلك، فكلها من الوسائل المشروعة لأنها تؤدي إلى ما هو مشروع بالنصوص كما لا يخفى، فليست هي من البدعة في شيء، خلافًا لما يظنون، وهذه الوسائل هي من التي يمكن حمل الحديث الصحيح عليها: "منْ سنَّ في الإسلام سنة حسنة … ومن سن في الإسلام سنة سيئة … " وسبب وروده يدل على ذلك دلالة قاطعة، لأن النبيّ ﷺ إنما قاله بمناسبة قيام رجل من الصحابة - بعد أن حضهم النبيّ ﷺ على الصدقة، فذهب الرجل إلى داره ثم عاد ومعه شيء من الصدقة، فوضعها أمام النبيّ ﷺ، فلما رأى سائر الصحابة ما فعل الرجل، استنوا به، وجاء كل واحد منهم بما تيسر من الصدقة، فاجتمع أمام النبيّ ﷺ ما شاء الله منها، فقال هذا الحديث، أفترون ذلك الصحابي أتى ببدعة حسنة، حين جاء بالصدقة ولذلك فإننا نقطع بأن باب التقرب إلى الله تعالى ليس يمكن دخوله إلا من طريق اتباع محمد ﷺ، كيف لا وهو القائل "ما تركت شيئًا يقربكم إلى الله إلا وقد أمرتكم به"، وقد فهم هذه الحقيقة سلفنا الصالح ﵃، ولذلك أمرونا باتباعها فقالوا: "اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم، عليكم بالأمر العتيق".