للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الفرقان عجبنا من لينها فلبثنا سبعة أشهر ثم نزلت الغليظة بعد اللينة فنسخت اللينة، وأراد بالغليظة هذه الآية، آية النساء، وباللينة آية الفرقان. قال ابن عباس - رضي الله عنهما - (١) آية الفرقان مكية وآية النساء مدنية نزلت ولم ينسخها شيء، قال هؤلاء: ولأن التوبة من قتل النفس عمدا متعذرة إذ لا سبيل إليها إلا باستحلاله أو إعادة نفسه التي فوتها عليه إذ التوبة من حق الآدمي لا تصح إلا بأحدهما وكلاهما متعذر على القاتل فكيف تصح توبته من حق آدمي لم يصل إليه ولم يستحله منه وقد تعذر. واحتج الجمهور بقوله تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} (٢) الآية، فهذه الآية في حق التائب، وبقوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (٣)، فهذه في حق غير التائب لأنه لا فرق بين الشرك وما دونه وعلّق المغفرة بالمشيئة [فخصّص] وعلق وفي التي قبلها عمَّم وأطلق، وبقوله: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (٨٢)} (٤)، فإذا تاب هذا القاتل وآمن وعمل صالحًا فالله عز وجل غفار له. قالوا: وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديث الذي قتل مائة نفس ثم تاب


(١) مدارج السالكين (١/ ٣٩٣)، وحياة الحيوان الكبرى (١/ ٤٢٢)، ونيل الأوطار (٧/ ٢١٠).
(٢) سورة الزمر، الآية: ٥٣.
(٣) سورة النساء، الآية: ٤٨.
(٤) سورة طه، الآية: ٨٢.