وقال بعض الفقهاء: إن معناه في اللغة تمليك المال بالمال، وهو بمعنى التعريف الأول. وقال آخرون: إنه في اللغة إخراج ذات عن الملك بعِوض، وهو بمعنى التعريف الثاني؛ لأن إخراج الذات عن الملك هو معنى تمليك الغير للمال، فتمليك المنفعة بالإجارة ونحوها لا يسمى بيعًا. أما الشراء فإنه إدخال ذات في الملك بعِوض، أو تملك المال بالمال، على أن اللغة تطلق كلًّا من البيع والشراء على معنى الآخر، فيقال لفعل البائع: بيع وشراء، كما يقال ذلك لفعل المشتري، ومنه قوله تعالى: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ} [يوسف: ٢٠]، فإن معنى {وَشَرَوْهُ} في الآية: باعوه، وكذلك الاشتراء والابتياع فإنهما يطلقان على فعل البائع والمشتري لغة. إلا أن العُرف قد خص المبيع بفعل البائع، وهو إخراج الذات مِن الملك، وخص الشراء والاشتراء والابتياع بفعل المشتري، وهو إدخال الذات في الملك.
مشروعية البيع: إن مشروعية البيع ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع. في الكتاب: ورد في القرآن الكريم: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥]. وفي سورة النساء: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٩]. وقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: ٢٨٢]. فهذه الآيات صريحة في حِلِّ البيع، وإن كانت مسوقة لأغراض أخرى غير إفادة الحل؛ لأن الآية الأولى مسوقة لتحريم الربا، والثانية مسوقة لنهي الناس عن أكل أموال بعضهم بعضًا بالباطل، والثالثة مسوقة للفت الناس إلى ما يرفع الخصومة، ويحسم النزاع من الاستشهاد عند التبايع. في السنة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد باشر البيع، وشاهد الناس يتعاطون البيع والشراء، فأقرهم ولم ينهَهم عنه. ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة حطب على ظهره، فيبيعها فيكف بها وجهه، خير له من أن يسأل الناس، أعطوه أو منعوه"؛ رواه البخاري. =