للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[فصل]

قال الإمام أبو عبد اللّه القرطبي: بان لك يا أخي هذا الباب ليس من الزهد ترك المباحات ولا تحريم الطيبات قال اللّه: {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ} (١) الآية وقال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً} (٢) والآي في هذا كثيرة.

فإن قيل: فقد روي عن جابر أنه قال اشتهى أهلي لحما فاشتريته لهم فمررت بعمر بن الخطاب فقال ما هذا يا جابر فأخبرته فقال أكلما اشتهى أحدكم شيئًا جعله في بطنه أين تذهب عنكم هذه الآية: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} (٣) الآية.

قيل: هذا عتاب من عمر له على التوسع في الدنيا بابتياع اللحم والخروج عن جلف الخبز والماء كما رواه الترمذي عن عثمان فإن تعاطي الطيبات من الحلال تستشرى بها الطباع وتستمر بها العادة فإذا فقدتها استسلمت في تحصيلها بالشبهات حتى تقع في الحرام المحض بغلبة العادة واستشراء النفس الأمارة بالسوء فأخذ عمر الْأَمر من أوله وحماه من ابتدائه كما يفعله مثله وقد قال علي: حين أتى بالفالوذج ولكني أكره أن أعود نفسي ما لم تعتد


(١) سورة المؤمنون، الآية: ٥١.
(٢) سورة الرعد، الآية: ٣٨.
(٣) سورة الأحقاف، الآية: ٢٠.