للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وتخليد أرباب هذه الجرائم في النار، وهو قول الخوارج والمعتزلة. ثم اختلفوا: فقالت الخوارج هم كفار لأنه لا يخلد في النار إلا الكفار، وقالت المعتزلة ليسوا بكفار بل فسّاق ومخلدون في النار. هذا كله إذا لم يتوبوا. وقالت فرقة: هذا الوعيد في حق المستحل لها لأنه كافر وأما من فعلها لا يعتقد تحريمها لم يلحقه هذا الوعيد، وعيد الخلود، اهـ.

مسألة ثانية: واختلف العلماء أيضًا فيما إذا تاب القاتل وسلم نفسه فقتل قصاصا هل يبقى عليه للمقتول يوم القيامة حق؟ فقالت طائفة: لا يبقى عليه شيء لأن القصاص حده والحدود كفارة لأهلها، وقد استوفى ورثة المقتول حق موروثهم وهم قائمون مقامه في ذلك فكأنه قد استوفاه بنفسه إذ لا فرق بين استيفاء الرجل حقه بنفسه أو بنائبه ووكيله. وقالت طائفة: المقتول قد ظلم وفاتت نفسه ولم يستدرك ظلامته، والوارث إنما أدرك ثأر نفسه وشفى غيظ نفسه وأي منفعة حصلت له ذلك وأي ظلامة استوفاها من القاتل، قالوا: فالحقوق في القتل ثلاثة: حق لله، وحق للمقتول، وحق للوارث. فحق الله لا يزول إلا بالتوبة، وحق الوارث قد استوفاه بالقتل وهو مخير بين ثلاثة أشياء من القصاص والعفو مجَّانا أو إلى مال فلو أحلّه وأخذ منه مالا لم يسقط حق المقتول بذلك فكذلك إذا [اقتص] منه لأنه أحد الطرق الثلاثة في استيفاء حقه فكيف يسقط حق المقتول بواحد منها دون الآخرين؟ قالوا: ولو قال القتيل لا تقتلوه لأطالبه بحقي يوم القيامة فقتلوه لكان يسقط حقه ولم يسقطه فإن قلتم يسقط فباطل لأنه لم يرض بإسقاطه، وإن قلتم لا