والوالي حقيق إلا يحتقر مروءة وجدها عند أحد وإن كان صغير المنزلة. فأن الصغير ربما عظم كالعصب الذي يؤخذ من الميتة فإذا عملت من القوس أكرم فيقبض عليه الملك ويحتاج إليه في لهوه وبأسه " ك٥٣ ".
فإن ذا العقل لا يدع مشاورة عدوه إذا كان ذا رأي في الأمر الذي يبشرك فيه " ك٦٤ ".
إذا لقي المرء عدوه في المواطن التي يعلم أنه هالك فيها حقيق أن يقاتل كرماً وحفاظاً " ك٦٥ ".
فأنه كان يقال: الرجال ثلاثة حازمان وعاجز. فأحد الحازمين من إذا نزل به البلاء لم يدهش ولم يذهب قلبه شعاعاً ولم يعي برأيه وحيلته أو مكيدته التي بها يرجو المخرج والنجاة. وأحزم من هذا المتقدّم ذو العدة الذي يعرف الأمر مبتدأ قبل وقوعه فيعظمه إعظامه، ويحتال له حيلته كأنه قد لزمه فيحسم الداء قبل أن يبتلى به ويدفع الأمر قبل وقوعه. وأما العاجز فهو لا يزال في التردد وتمني الأماني حتى يهلك نفسه " ك٦٩ ".
وقرأت في كتاب للهند: الناس حازمان وعاجز فأحد الحازمين الذي إذا نزل به البلاء لم ينظر به وتلقاه بحيلته ورأيه حتى يخرج منه. وأحزم منه العارف بالأمر إذا قيل فيدفعه قبل وقوعه. والعاجز في تردد وتثن حائر بائر لا يأتمر رشداً ولا يطبع مرشداً " ع٢٨٠:١ ".
ومن بلغ في الدنيا جسيماً فلم يبصر " ك٧٤ ".
أو أتبع الهوى فلم يعثر أو جاور النساء فلم يفتتن أو طلب إلى اللئام فلم يهن ويحرم أو واصل الأشرار فسلم أو صاحب السلطان فدام له منه الإحسان " ك٧٤ -
٧٥ " أو صاحب السلطان فدام له منه الإحسان " ك٧٤ -
٧٥ ".
أو طلب إلى اللئام فلم يهن ويحرم " ك٧٤ ".
فإن تهمة الأشرار ربما أورث أهلها تهمة الأخبار " ك٧٥ ".
وأعجبت منه أن أكون أطلب رضاه وموافقته فلا يرضى واعجب من ذلك أن ألتمس محبته واجتنب مخالفته فيغضب ويسخط " ك٧٦ ".
وأن كانت موجدته عن غير سبب انقطع الرجاء. لأن العلة إذا كانت المعتبة في ورودها كان الرضا في إصدارها " ك٧٦ ".
وعرفت أنه من التمس الرخصة من الإخوان عند المشاورة والأطباء عند المرض والفقهاء عند الشبهة فقد أخطأ الرأي وزاد في المرض واحتمل الوزر " ك٧٧ ".
وفي كتاب للهند: من التمس من الإخوان الرخصة عند المشورة ومن الأطباء عند المرض ومن الفقهاء عند الشبهة أخطأ الرأي وازداد مرضاً وحمل الوزر " ع٣٠:١ ".
وإن لم يكن هذا فلعل بعض ما أعطيته من الفضل جعل فيه هلاكي. فأن الشجرة الحسنة ربما كان فسادها في طيب ثمرتها إذا تنوولت أغصانها وجذبت حتى تكسر وتفسد. والطاووس ربما صادر ذنبه الذي هو حسنه وجماله وبالاً عليه فاحتال إلى الخفة والنجاة ممن يطلبه فيشغله عن ذلك ذنبه " ك٧٧ ".
والفرس الجواد القوي ربما أهلكه ذلك فأجهد وأتعب واستعمل لما عنده من الفضل حتى يهلك " ك٧٧ ".
والرجل ذا الفضل ربما كان فضله ذلك سبب هلاكه لكثرة من يحسده ويبغي عليه من أهل السوء. وأهل الشر أكثر من أهل الخير بكل مكان فإذا عادوه وكثروا عليه أوشكوا أن يهلكوه " ك٧٧ ".
ومن بذل نصيحته واجتهاده لمن لا يشكر له فهو كمن بذر بذرة في السباخ " ك٧٩ ".
ألا ترى أن الماء ألين من القول وأن الحجر أشد من القلب وليس يلبث الماء إذا طال تحدره على الحجر الصلد أن يؤثر فيه " ك٨٣ ".
وقرأت في كتاب للهند: فإن الماء ألين من القول والحجر أصلب من القلب وإذا أنحدر عليه وطال ذلك أثر فيه " ع٢٢:٢ ".
فكذلك النجدة تلحقها السخافة عن خطأ الرأي فأنها إذا فقد أحدهما صاحبه لم يكن للآخر عمل عند اللقاء وللرأي عليها الفضل لأن أموراً كثيرة يجزي فيها الرأي ولا تبلغ هي شيئاً إلا به " ك٨٨ ".
ولا خير في الكلام إلا مع الفعل ولا في الفقه إلا مع الورع ولا في الصدقة إلا مع النية " ك٨٩ ".
وأعلم أن الأدب يدفع عن اللبيب السكر ويزيد الأحمق سكراً كالنهار فأنه ينير لكل ذي بصر من الطير وغيره ولا تستطيع الخفافيش الاستقلال فيه " ك٨٩ ".
وفي كتاب كليلة ودمنة: الأدب يذهب عن العقل السكر ويزيد الأحمق سكراً كما أن النهار يزيد كل ذي بصر بصراً ويزيد الخفافيش سوء بصر " ع٢٨١:١، ٤١:٢ ".
وذو الرأي لاتبطره منزلة اصابها كالجبل الذي لا يتزلزل وأن اشتدت الريح. وذو السخف ينزقه أدنى أمر كالحشيش الذي يميله الشيء اليسير " ك٨٩ -
٩٠ ".
وفي كتاب كليلة ودمنة: ذو العقل لا تبطره المنزلة والعز كالجيل لا يتزعزع وأن اشتدت عليه الريح والسخيف يبطره أدنى منزلة كالحشيش بحركة أضعف ريح " ع٢٨١:١ ".