للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولله في كل تحريكة وتسكينه أبداً شاهد

وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد (١)

فمن تأمل سريان أثار الأسماء والصفات في العالم، وفي الأمر، تبين له أن مصدر قضاء هذه الجنايات من العبيد وتقديرها: هو من كمال الأسماء والصفات والأفعال. وغاياتها أيضاً: مقتضى حمده ومجده، كما هو مقتضى ربوبيته وإلهيته، فله في كل ما قضاه وقدره الحكمة البالغة، والآيات الباهرة، والتعرفات إلى عباده بأسمائه وصفاته، واستدعاء محبتهم له، وذكرهم له، وشكرهم له، وتعبدهم له بأسمائه الحسنى (٢).

٧ - من ثمرات الإيمان بالقدر: تحقق ولاية الله تعالى:

قال الله تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (٦٣)} [يونس: ٦٢ - ٦٣] (٣)، ومن الأمور التي يجب الإيمان بها: الإيمان بالقدر؛ فإذا لم يؤمن بالقدر لم يكن من أولياء الله.

٨ - من ثمرات الإيمان بالقدر: أن الله يدافع عن الذين آمنوا:

قال تعالى: {اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ} [الحج: ٣٨]، يدافع عنهم: المكاره قبل نزوله، ويرفعها أو يخففها بعد نزولها (٤)، وهذا إنما يكون للمؤمنين، ومن جملة ما يؤمنون به الإيمان بالقدر.

٩ - من ثمرات الإيمان بالقدر: رضا الله عنه، فمن رضي بالله ربا رضي الله عنه، ومن رضي عن ربه سبحانه وتعالى في جميع الحالات أثمر رضى ربه عنه: فإذا رضى عنه بالقليل من الرزق: رضى ربه عنه بالقليل من العمل. وإذا رضى عنه في جميع الحالات، واستوت عنده، وجده أسرع شيء إلى رضاه إذا ترضاه وتملقه (٥).

١٠ - من ثمرات الإيمان بالقدر: أنه يورث محبة الله تعالى لعبده:

ولا شك أن هذه أعلى المطالب، وأعلى المنى أن يحظى العبد بمحبة الله تبارك وتعالى له، قال الله تعالى مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (١٥٩)} [آل عمران: ١٥٩]، وهم الراضون بقضائه والمستسلمون لحكمه فيهم، وافق ذلك منهم هوى أو خالفه (٦)، قال صلى الله عليه وسلم: «إذا احب الله قوماً ابتلاهم» (٧).


(١) المرجع السابق (١/ ٤٠٦ - ٤٠٧).
(٢) المرجع السابق (١/ ٤١٩ - ٤٢٠).
(٣) التوضيح لشجرة الإيمان ص ٦٩.
(٤) المرجع السابق ص ٧١ - ٧٢.
(٥) مدارج السالكين (٢/ ٢٠٦).
(٦) التوكل على الله وعلاقته بالأسباب لعبد الله الدميجي، ص ١١٨، الطبعة الأولى، دار الوطن، الرياض، ١٤١٧ هـ.
(٧) رواه الترمذي، ورواه الطبراني في الأوسط. وهو في السلسلة الصحيحة رقم ١٤٦.

<<  <   >  >>