للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٣ - الإيمان بالقدر على وجه الحقيقي يكشف للإنسان حكمة الله -عز وجل - فيما يقدره من خير أو شر:

فيعرف الإنسان بذلك أن وراء تفكيره، وتخيلاته من هو أعظم وأعلم، ولهذا كثيراً ما يقع الشيء فنكرهه وهو خير لنا؟ كم من الناس من يتبرم ويضيق صدره لفوات محبوب أو نزول مكروب، وما أن ينكشف الأمر ويستبين سر القدر إلا وتجده جذلاً مسروراً، لأن العاقبة كانت حميدة بالنسبة له، وصدق الله تعالى إذ يقول: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٢١٦)} [البقرة: ٢١٦].

وما أجمل قول من قال:

كم نعمة لا تستقل بشكرها لله في طي المكاره كامنة

وقول الآخر:

تجري الأمور على حكم القضاء وفي طي الحوادث محبوب ومكروه

وربما سرني ما كنت أحذره وربما ساءني ما كنت أرجوه (١)

١٤ - من ثمرات الإيمان بالقدر: أن الإيمان بالقدر يفتح باب حسن الخلق مع الله تعالى ومع الناس:

فإن حسن الخلق من الرضى، وسوء الخلق من السخط. وحسن الخلق يبلغ بصاحبه درجة الصائم القائم، وسوء الخلق يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب (٢).

١٥ - من ثمرات الإيمان بالقدر: إحسان الظن بالله، وقوة الرجاء:

فالمؤمن بالقدر حسن الظن بالله، قوي الرجاء به في كل أحواله، يصدق عليه قول القائل:

ما مسني قدر بضر أو رضا إلا وجدت به إليك طريقا.

(لأنه عارف بربه، حسن الظن به، لا يتهمه فيما يجريه عليه من أقضيته وأقداره، فحسن ظنه به يوجب له استواء الحالات عنده ورضاه بما يختاره له سيده سبحانه، وسوء الحال، والظن بالله خلاف ما هو أهله. والرضى يخلصه من ذلك كله ويفتح له باب جنة الدنيا قبل جنة الآخرة) (٣).


(١) انظر: جنة الرضا في التسليم لما قدر الله وقضى للغرناطي ص ٣/ ٥٢، نقلا عن القضاء والقدر للحمد ص ٢٩.
(٢) مدارج السالكين (٢/ ٢٢٠).
(٣) المرجع السابق (٢/ ٢٠٦ - ٢٠٧).

<<  <   >  >>