للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكما في قوله عليه الصلاة والسلام: «احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل» (١).

فلا تقل: لو أني فعلت وفعلت وفعلت، وتبقى تلوم نفسك وتعيش على ماض تتحسر عليه.

المسلم لابد أن تكون عنده نفسية قوية فإذا أخطأ، أو حصلت له مشكلة فيقول: «قدر الله وما شاء فعل» ويبدأ من جديد ويعمل للمستقبل (٢).

٣٣ - من ثمرات الإيمان بالقدر: أن الإيمان بالقدر ينفى عنه آفات الحرص والكلب على الدنيا:

وذلك رأس كل خطيئة، وأصل كل بلية. وأساس كل رزية. فرضاه عن ربه في جميع الحالات، ينفى عنه مادة هذه الآفات. (٣)

٣٤ - من ثمرات الإيمان بالقدر: الكرم:

فالذي يؤمن بالقدر، وأن الفقر والغنى بيد الله، وأنه لا يفتقر إلا إذا قدر الله له ذلك - فإنه ينفق ولا يبالي. لأنه يعلم أن غناه بقضاء الله وقدره، وأن فقر الفقير بقضاء الله وقدره، فيشكر الله على هذه النعمة، فيحمله ذلك على الإنفاق في سبيل الله.

٣٥ - من ثمرات الإيمان بالقدر: الصبر والاحتساب ومواجهة الأخطار والصعاب:

فالذين لا يؤمنون بالقدر ربما يؤدي الجزع ببعضهم إلى أن يكفروا بالله، وبعضهم يجن، وبعضهم يصبح موسوسا، وبعضهم يلجأ إلى المخدرات، وبعضهم يقتل نفسه، ولذلك يكثر الانتحار في البلاد التي لا يؤمن أهلها بالقدر.

قال الله تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٢١٦)} [البقرة: ٢١٦].

(من أسرار هذه الآية: أنها تقتضي من العبد التفويض إلى من يعلم عواقب الأمور، والرضا بما يختاره له ويقضيه له، لما يرجو فيه من حسن العاقبة.

فإذا فوض إلى ربه، ورضي بما يختاره له، أمده فيما يختاره له بالقوة عليه والعزيمة والصبر، وصرف عنه الآفات التي هي عرضة اختيار العبد لنفسه، وأراه من حسن عواقب اختياره له ما لم يكن ليصل إلى بعضه، بما يختاره هو لنفسه). (٤)


(١) رواه مسلم، كتاب القدر، باب الإيمان للقدر والإذعان له (١٦/ ٢١٥ - شرح النووي).
(٢) عبد الله الخاطر، الهزيمة النفسية عند المسلمين' ص ٥٤ - ٥٥، الطبعة الأولى، المنتدى الإسلامي، لندن، ١٤١٢ هـ.
(٣) مدارج السالكين (٢/ ٢٠٩).
(٤) الفوائد ص ١٧٥ - ١٧٦.

<<  <   >  >>