للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبغض النظر عن مدى صحة ما قرره أولئك, من خطر الإسلام والمسلمين عليهم, فإن هذا هو الذي شكّل تفكيرهم، وكان الباعث وراء تصرفاتهم بعد ذلك..

الأسلوب الجديد:

وفي منتصف القرن العشرين، في الخمسينيات على وجه التحديد، قررت الولايات المتحدة الأمريكية أن ترث النفوذين: البريطاني والفرنسيّ في المنطقة؛ لتحقيق نفس الأهداف التي كان يحققها هذان النفوذان١.

لكن إن اتفقت الولايات المتحدة مع بريطانيا وفرنسا في الاستراتيجية والأهداف, فلقد اختلفت معهما في التكتيك والأسلوب, ومارست الولايات المتحدة في مهارةٍ ما يسمى بلعبة الأمم: تحقيقًا لأهدافها. وكان أهم أساليبها في ذلك الانقلابات العسكرية التي تصنع عن طريقها البطل أو الزعيم الذي تتعلق به آمال الأمة، فيمتص بذلك ما يمور في باطنها، وما كان يمكن أن يؤدي إلى ثورة في غير صالحها وينحرف بهذه القوة، المواردة داخل الشعوب عن أهدافها التي تحقق فيها مصالح الغرب،


١ ما يلز كوبلاند -لعبة الأمم- ص٣٣, تعريب مراد سرخيس, التوزيع: دار الفتح للطباعة والنشر. وقد أشار إلى اتصال السكرتير الأول للسفارة البريطانية في واشنطن "سيشل" بمساعدة وزير الخارجية لشئون الشرق الأدنى وأفريقيا؛ ليسلمه رسالة تشير إلى اعتزام بريطانيا إلى انهاء وصايتها على بعض أرجاء العالم لأزمة مالية تمر بها, فإنها لن تتمكن من القيام بأعباء مقاومة الشيوعية في كل من تركيا واليونان.
٢ يشير مايلز كوبلاند, مندوب المخابرات المركزية الأمريكية في الشرق الأوسط, في كتابه "لعبة الأمم" إلى هذه الحقائق حين يقرر:
أ- لقد كان من المفهوم في التقارير والوثائق السرية للحكومة الأمريكية, في أوائل عام ١٩٤٧م-١٣٦٦هـ" أن دبلوماسيتنا وأجهزة مخابراتنا بالحالة التي كانت عليها في ذلك الوقت, يجب أن تعمل لإحداث تغييرات في قيادات بعض دول الشرق الأوسط.
ويشير المؤلف في الفصل الثاني من كتابه إلى حضور السفير البريطاني إلى وزارة الخارجية الأمريكية لإبلاغها بقرار الحكومة البريطانية وقف مساعدتنا لحكومتي تركيا واليونان, ويفسر ذلك بأن معناه انسحاب بريطانيا من الشرق الأوسط, وضرورة حلول أمريكا محلها في المنطقة لملء الفراغ.
ب- على العموم, فإن ما كنا نحاوله هو ملء الفراغ الناتج عن انسحاب بريطانيا من اليونان وتركيا, هذا الفراغ الذي يشمل كما قلنا من قبل جميع منطقة الشرق الأوسط ص٣٨, ثم يشير المؤلف إلى قرار وزير الخارجية الأمريكية "دين اتشيسون" بالتدخل, ولو بالأساليب غير النظيفة=

<<  <   >  >>