للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومقصد ذلك كله حفظ النفس وصيانة الحياة، ومنع التعدي والاعتداء والظلم والثأر، وزجر المعتدين الظالمين انزجار وإرداع غير المعتدين الذين قد تُسوِّل لهم نفوسهم يومًا ما بفعل القتل والتمثيل والترويع والتخويف والإفساد.

ومقصد ذلك أيضًا: حمل النفس على الاستقامة والاتزان، وإبعادها عن نزوات الثأر والانتقام والتشفي، وإخراجها من دائرة الاستخفاف بحرمة النفس وكرامة الإنسان، وحقه في الحياة والسلامة والأمن.

ولو بقيت النفوس والمجتمعات بلا حد أو قيد لأهواء النفوس وخواطرها لفسد التعامل واختل النظام، ولتعاظم الهرج والمرج، ولكثر القتل وتعاظم وتزايد بلا حد ولا حصر.

ولذلك كله جاءت الأحكام الدقيقة والمضبوطة المنظمة للتعامل في مجال البيوعات والمعاوضات، وفي مجال الأنكحة والزواج، وفي مجال الجنايات والدماء، وبقصد حفظ نظام الحياة واستقرارها وسلامتها، ولصيانة الناس في نفوسهم وعقولهم أعراضهم وأنسابهم وأموالهم.

وكل ذلك لن يكون حاصلا إلا بإخراج الناس من دوائر أهوائهم ورغباتهم المنحرفة بحصول الاستقامة الذاتية، والالتزام الطوعي الاختياري، أو بحصول الامتثال والانقياد إلى احترام ذلك، ومراعاته حتى يكون الحق أحق أن يتبع، وحتى لا يكون الحق تبعًا لأهواء الناس، قال تعالى: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ} ١.


١ سورة المؤمنون، آية ٧١.

<<  <   >  >>