والخلاصة أن الأحكام الشرعية لا تخلو من الأحكام الخمسة المعلومة:
الوجوب والتحريم الندب والكراهة والإباحة.
فأما الوجوب والتحريم فظاهر مصادمتهما لمقتضى الاسترسال الداخل تحت الاختيار، وأما الندب والكراهة والإباحة -إن كان ظاهرًا الدخول تحت خيرة المكلف واختياره- فإنما دخلت بإدخال الشارع لها تحت اختياره؛ فهي راجعة إلى إخراجها عن اختياره.
وفي كل الأحوال تكون الأحكام الشرعية الخمسة قد أخرجت المكلف من دائرة هواه وشهواته ونزواته.
٣- الأدلة من الواقع والحياة:
من الأدلة الواقعية والحياتية التي تؤكد على مخالفة الهوى:
عُلم بالتجارب والعادات أن المصالح الدينية والدنيوية لا تحصل مع الاسترسال في اتباع الهوى، والمشي مع الأغراض، لما يلزم في ذلك من التهارج والتقاتل والهلاك، الذي هو مضاد لتلك المصالح، وهذا معروف عندهم بالتجارب والعادات المستمرة، ولذلك اتفقوا على ذم من اتبع شهواته، وسار حيث سارت بهن حتى إن من تقدم ممن لا شريعة له يتبعها، أو كان له شريعة درست كانوا يقتضون المصالح الدنيوية بكف كل من اتبع هواه في النظر العقلي، وما اتفقوا عليه إلا لصحته عندهم.
واطراد العوائد باقتضائه ما أرادوا، من إقامة صلاح الدنيا، وهي التي يسمونها السياسية المدنية؛ فهذا أمر قد توارد النقل والعقل على صحته في الجملة، وهو أطهر منأن يستدل عليه١.