للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحسبك أن السيوطي-بعد أن ذكر الذين أفردوا هذا العلم بالتصنيف١- ما لبث أن عرض بما في كتاب "الواحدي" من "إعواز"٢، ثم عرض باختصار الجعبري٣ لهذا الكتاب و"حذفه أسانيده من غير أن يزيد عليه شيئا"، وأخبر بعد ذلك بأن شيخ الإسلام أبا الفضل بن حجر٤ ألف في أسباب النزول "كتابا مات عنه مسودة، فلم يتيسر للسيوطي أن يقف عليه كاملا" ومع أن عبارته تشي بأنه وقف على شيء منه أو على المسودة كلها التي مات أبو الفضل عنها لم يشر قط إلى إعجابه بصنيعه ورضاه عنه، بل أوشك أن يكون إلى نقده أقرب حين جعل صنيعه وصنائع السابقين كلهم في كفة، وصنيعه هو -أعني السيوطي- في كفة أخرى في "كتابه الحافل الموجز المحرر الذي لم يؤلف مثله في هذا النوع"، وهو المسمى "لباب النقول, في أسباب النزول! "٥.

وربما لم يكن لافتخار السيوطي بكتابه كبير قيمة في نظرنا، فقد ألفنا في الأعصر المتأخرة هذه النغمة المزهوة الفخور تتردد في مواطن شتى من كتب أولئك العلماء الجماعين، وألفنا بصورة خاصة هذه النغمة غير المحببة في كتب


١ وقد عد السيوطي أقدمهم في هذا الباب علي ابن المديني شيخ البخاري. الإتقان ١/ ٤٨.
٢ الإتقان ١/ ٤٨.
٣ هو إبراهيم بن عمر بن إبراهيم المشهور بالجعبري, ويلقب ببرهان الدين. له تصانيف قيمة منها "روضة الطرائف، في رسم المصاحف" و"عقود الجمان" وشرح للشاطبية في علوم القراءات يسمى "كنز المعاني" توفي سنة ٧٣٢ "الدرر الكامنة ١/ ٥٠".
٤ هو الإمام الحافظ المؤرخ شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني, واسمه أحمد بن علي، أبو الفضل شهاب الدين. ينسب إلى عسقلان "بفلسطين" وفيها كان مولده. أقبل على حفظ الحديث وألف فيه حتى انتشرت مصنفاته في حياته وتهادتها الملوك، من كتبه القيمة المطبوعة "لسان الميزان" و"تهذيب التهذيب" و"الإصابة في تمييز أسماء الصحابة"، و"الدرر الكامنة في أدلة المائة الثامنة"، و"تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة"، و"بلوغ المرام في أدلة الأحكام"، و"طبقات المدلسين" الذي سماه "أهل التقديس" ومن كتبه المخطوطة الجديرة بالنشر "الإحكام لبيان ما في القرآن من أحكام"، و"نزهة الألباب في الألقاب"، و"تحفة أهل الحديث عن شيوخ الحديث"، و"المجمع المؤسس بالمعجم المفهرس". وتوفي ابن حجر سنة ٨٥٢هـ. "الأعلام ١/ ١٧٣".
٥ الإتقان ١/ ٤٨. وقد طبع "لباب النقول" ببولاق سنة ١٢٨٠هـ، بهامش "تفسير الجلالين".

<<  <   >  >>