للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثاني: المصاحف العثمانية في طور التجويد والتحسين]

نسخت المصاحف العثمانية خالية من الشكل والنقط, فاحتملت -بكتابتها على هذا النحو- عددا من الوجوه والقراءات التي كان الناس في الأمصار يميزون بينها بالسليقة، فلا يحتاجون لقراءتها سليمة إلى الشكل بالحركات ولا الإعجام بالنقط. وقد ظل الناس -كما يقول أبو أحمد العسكري "ت٣٨٢"- يقرءون القرآن في مصحف عثمان بضعا وأربعين سنة، حتى خلافة عبد الملك، وحينئذ كثرت التصحيفات وانتشرت في العراق١.

وأكبر الظن أنه لا يراد "بالتصحيفات" في هذه العبارة إلا ما كان يقع فيه الناس من اللبس في قراءة بعض كلمات القرآن وحروفه بعد أن اختلطوا بغير العرب، وبدأت العجمة تمس سلامة لغتهم٢. وفي خلافة عبد الملك سنة ٦٥ للهجرة خاف بعض رجال الحكم أن يتطرق التحريف إلى النص القرآني إذا ظلت المصاحف غير مشكولة، ولا منقوطة٣، ففكروا بإحداث أشكال معينة تساعد على القراءة الصحيحة، وفي هذا المجال يذكر كل من عبيد


١ وفيات الأعيان ١/ ١٢٥ "ط. سنة.١٣١ القاهرة" وفيما يتعلق بأبي أحمد العسكري هذا انظر "بغية الوعاة للسيوطي" ص٢٢١. وقد خلط بروكلمان بين أبي أحمد العسكري وأبي هلال العسكري "في تاريخ آداب العرب" ١/ ٢٧، ثم انتبه إلى ذلك وصححه في الملحق.
٢ المحكم "للداني" ١٨-١٩.
٣ في المحكم ٢٣ عن أبي بكر بن مجاهد: "أن الشكل والنقط شيء واحد، غير أن فهم القارئ يسرع إلى الشكل أقرب مما يسرع إلى النقط".

<<  <   >  >>