وما نزلت "كلا" بيثرب فاعلمن ولم تأت في القرآن في نصفه الأعلى ويعلل العماني ذلك بقوله: "وحكمة ذلك أن نصفه الأخير نزل أكثره بمكة وأكثرها جبابرة, فتكررت على وجه التهديد والتعنيف لهم، والإنكار عليهم، بخلاف النصف الأول. وما نزل منه في اليهود لم يحتج إلى إيرادها فيه لذلهم وضعفهم". انظر الإتقان ١/ ٢٩ وقارن بالبرهان ١/ ٣٦٩. والعماني هو أبو الحسن علي بن سعيد العماني المقرئ، صاحب كتاب "المرشد" في الوقف عند تلاوة القرآن، وقد اختصره زكريا الأنصاري في كتاب سماه: "المقصد لتلخيص ما في المرشد" وطبع في القاهرة سنة ١٩٣٤م. ٢ سورة الحج ٧٧ ويقابل هذا -بطبيعة الحال- أن كل سورة فيها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فهي مدنية "انظر البرهان ١/ ١٨٩". ولكن الزركشي يعلق على هذا الضابط بقوله: "وهذا القول إن أخذ على إطلاقه ففيه نظر، فإن سورة البقرة مدنية, وفيها: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} -الآية ٢١- وفيها {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّبًا} -الآية ١٦٨- وسورة النساء مدنية وفيها {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ} - الآية ١- وفيها {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ} - الآية ١٣٣- وسورة الحج مكية وفيها {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} -الآية ١٧٧- فإن أراد المفسرون أن الغالب ذلك فهو صحيح", البرهان ١/ ١٩٠. ونحن لا نرى داعيا لأن تكون هذه الأمارات غالبة فقط، فهي -إذا حفظ استثني منها جانبا وهو لا يزيد عما ذكره الزركشي- أمارات قطعية لا تتخلف. ٣ الإتقان ١/ ٢٩. ٤ البرهان ١/ ١٨٩. ٥ البرهان ١/ ١٨٨. والأرجح أنها مكية فكرة وأسلوبا.