للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعتبره "باطلا لا يجوز الاعتماد عليه، فقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنه الزجر عن عد أبي جاد، والإشارة إلى أن ذلك من جملة السحر، وليس ذلك ببعيد، فإنه لا أصل له في الشريعة"١.

ولا ريب أن للصوفية في مجال هذه التفسيرات الباطنية آراء أبعد شطحا, وأغرب لفظا، وأغمض معنى. ولا نرى أدل على ذلك من قول الشيخ محي الدين بن عربي "في الفتوحات المكية" ما خلاصته٢ "اعلم أن مبادئ السور المجهولة لا يعلم حقيقتها إلا أهل الصور المعقولة، فجعلها الله تبارك وتعالى تسعا وعشرين سورة, وهو كمال الصورة، {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ} ، والتاسع والعشرون القطب الذي به قوام الفلك, وهو علة وجوده وهو سورة آل عمران {الم، اللَّهُ} ولولا ذلك لما ثبتت الثمانية والعشرون، وجملتها -على تكرار الحروف- ثمانية وسبعون حرفا، فالثمانية حقيقة البضع، قال صلى الله عليه وسلم: "الإيمان بضع وسبعون" , وهذه الحروف ثمانية وسبعون، فلا يكمل عبد أسرار الإيمان حتى يعلم حقائق هذه الحروف في سورها ... إلخ"، إلى أن يقول في موضع آخر: "ثم جعل سبحانه وتعالى هذه

الحروف على مراتب، منها موصول ومنها مقطوع، ومنها منفرد ومثنى ومجموع، ثم نبه أن في كل وصل قطعا، وليس في كل قطع وصل، فكل وصل يدل على فصل, وليس كل فصل يدل على وصل، والوصل والفصل في الجمع وغير الجمع، والفصل وحده في عين الفرق، فما أفرده من هذا فإشارة إلى فناء رسم العبد أزلا، وما أثبته فإشارة إلى وجود رسم العبودية حالا، وما جمعه فإشارة إلى الأبد بالموارد التي لا تتناهى، والإفراد للبحر الأزلي، والجمع للبحر الأبدي، والمثنى للبرزخ المحمدي الإنساني، والألف فيما نحن فيه إشارة إلى التوحيدي، والميم إشارة إلى الملك الذي لا يبيد، واللام بينهما واسطة ليكون


١ الإتقان ٢/ ١٦.
٢ نقلا عن تفسير الألوسي ١/ ١٠١. وابن عربي هو محمد بن علي بن محمد الحاتمي الطائي الأندلسي أبو بكر، الملقب بالشيخ الأكبر له نحو أربعمائة كتاب أشهرها "الفتوحات المكية" توفي سنة ٦٣٨ "انظر فوات الوفيات ٢/ ٢٤١".

<<  <   >  >>