٢ وهذا ينطبق حتى على سور مريم, والعنكبوت، والروم، ون، لأنها -وإن لم تفتتح بذكر الكتاب- قد اشتملت على معان تتعلق بإثبات الوحي والنبوة. وانظر تفصيل ذلك في تفسير المنار ٨/ ٢٩٦-٢٩٨. وقد نبه إلى ذلك الإمام الزركشي في "البرهان ١/ ١٧٠" فقال: "واعلم أن عادة القرآن العظيم في ذكر هذ الحروف أن يذكر بعدها ما يتعلق بالقرآن كقوله: {الم، ذَلِكَ الْكِتَابُ} [سورة البقرة: ١، ٢] , وقد جاء بخلاف ذلك في العنكبوت والروم، فيسأل عن ذلك". ٣ ويزداد هذا الرأي وضوحا إذا سلمنا بأن الزهراوين كانتا من أولائل السور نزولا في المدينة كما هو المشهور, وبنزولهما مفتتحتين بهذه الحروف المقطعة تمت الحكمة الإلهية من تنبيه اليهود إلى الدعوة الجدية وإثارة اهتمامهم بها، فلم يعد في استمرار الافتتاح بتلك الحروف بعد الزهراوين حكمة ظاهرة باهرة، ولذلك نزل لوحي بعدهما خاليا من تلك الفواتح، فلا ضرورة للتسليم بصحة الاعتراض الذي وجهه ابن كثير في تفسير "١/ ٣٧-٣٨" إلى هذا القول بسب مدنية البقرة وآل عمران وكونهما ليستا خطابا للمشركين: لأن الحكمة من تخصيص الزهراوين بهذه الفواتح تكون -على ما بيناه- بالغة دامغة.