للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان عددهم لا يستهان به١، فإذا أبو العباس بن عمار يلوم ابن مجاهد ويقسو عليه في تعبيره فيقول: "لقد فعل مسبع هذه السبعة ما لا ينبغي له، وأشكل الأمر على العامة بإيهامه كل من قل نظره أن هذه القراءات هي المذكورة في الخبر، وليته إذ اقتصر نقص عن السبعة أو زاد ليزيل الشبهة! "٢.

وعبارة "القراءات السبع" لم تكن قد عرفت في الأمصار الإسلامية حين بدأ العلماء يؤلفون في القراءات، والسابقون منهم كأبي عبيد القاسم بن سلام، وأبي جعفر الطبري، وأبي حاتم السجستاني، ذكروا في مصنفاتهم أضعاف تلك القراءات، وإنما بدأت هذه العبارة تشتهر على رأس المائتين بإقبال الناس في الأمصار الإسلامية على قراءة بعض الأئمة دون بعض، فاشتهرت في مكة قراءة عبد الله بن كثير الداري٣ "المتوفى سنة ١٢٠" وقد لقي من الصحابة أنس بن مالك وعبد الله بن الزبير وأبا أيوب الأنصاري، وفي المدينة قراءة نافع٤ بن عبد الرحمن بن أبي نعيم "المتوفى سنة ١٦٩هـ" الذي تلقى القراءة عن سبعين من التابعين أخذوا عن أبي بن كعب وعبد الله بن عباس وأبي هريرة وفي الشام قراءة عبد الله اليحصبي المشهور بابن عامر٥ "المتوفى سنة ١١٨هـ" أخذ القراءة عن المغيرة بن أبي شهاب المخزومي عن عثمان بن عفان، ولقي من الصحابة النعمان بن بشير وواثلة بن الأسقع، ويقول بعضهم: إنه لقي عثمان نفسه وأخذ عنه، وفي البصرة قراءة كل من أبي عمرو ويعقوب، فأما أبو عمرو٦ فهو زبان بن العلاء بن عمار


١ انظر في "البرهان ١/ ٣٢٩" كيف يفسر مكي سبب اشتهار هؤلاء السبعة دون غيرهم.
٢ الإتقان ١/ ١٣٨. وأبو العباس بن عمار هو الإمام المقرئ المفسر أحمد بن عمار المهدوي، وتوفي فيما قاله الحافظ الذهبي بعد الثلاثين وأربعمائة "انظر النشر ١/ ٦٨".
٣ انظر ترجمته في "طبقات القراء ١/ ٤٤٣".
٤ انظر ترجمته في "طبقات القراء ٢/ ٣٣٠-٣٣٤".
٥ انظر ترجمته في "طبقات القراء ١/ ٤٢٣-٤٢٥".
٦ انظر ترجمته في "طبقات القراء ١/ ٢٨٨-٢٩٢".

<<  <   >  >>