للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتبين المجمل إما أن يرد متصلا١، نحو {مِنَ الْفَجْرِ} فإنه فسر مجمل قوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} ٢، إذ لولا من {الْفَجرِ} لبقي الكلام الأول على تردده واحتماله٣.

وإما أن يرد منفصلا في آية أخرى٤، نحو {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة} ٥ فإنه دل على جواز الرؤية, ويفسر به قوله تعالى: {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} ٦، إذ كان مترددا بين نفي الرؤية أصلا وبين نفي الإحاطة والحصر دون أصل الرؤية٧.

وقد يقع تبيين المجمل بالسنة النبوية٨، لأن القرآن والحديث أبدا "متعاضدان على استيفاء الحق وإخراجه من مدارج الحكمة، حتى إن كلا منهما يخصص عموم الآخر، ويبين إجماله"٩.

وأكثر ما يكون في الألفاظ الشرعية المنقولة من معانيها اللغوية، "كالصلاة" فقد فسر أقوالها وأفعالها الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: "صلوا كما رأيتموني أصلي". وكذلك الزكاة بين الرسول مقاديرها، والحج فصل مناسكه١٠.

ومن ذلك تفسيره عليه الصلاة والسلام {قُرَّةِ أَعْيُنٍ} في قوله تعالى: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} ١١ فقد قال: "فيها ما لا عين رأت ولا أذن


١ الإتقان ٢/ ٣١ أيضا.
٢ سورة البقرة ١٨٧.
٣ البرهان ٢/ ٢١٥.
٤ الإتقان ٢/ ٣١.٥ سورة القيامة ٢٢، ٢٣.
٦ سورة الأنعام ١٠٣.
٧ البرهان ٢/ ٢١٦.
٨ الإتقان ٢/ ٣١.
٩ البرهان ٢/ ١٢٩ النوع الأربعون في بيان معاضدة السنة للقرآن.
١٠ الإتقان ٢/ ١٣١ وقارن بالبرهان ٢/ ١٨٤.
١١ سورة السجدة ١٧.

<<  <   >  >>