للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشافية الكافية، التي سيقدرها حق قدرها كل من تيسر له أن يقرأ الكتاب في أولى طبعاته: أهمها أني ألقيت فيه الضوء قويا ساطعا على معضلة الناسخ والمنسوخ، ولم أكن تعرضت لهذه المعضلة قط حين ظهر الكتاب لأول مرة.

وإني أدعو العلماء في مختلف بقاع العالم الإسلامي إلى قراءة هذا البحث خاصة بإمعان شديد، لما أرجوه من الخير الكثير في وعيه وتفهم مراميه، أو لما أرحب به من نقد علمي مخلص لبعض ما جاء فيه.

وأدعو العلماء كذلك إلى قراءة فصلي "أسباب النزول" و"المكي والمدني"، لأستوثق من صواب متجهي أو أتعرف على مواطن خطئي وسهوي, ولا سيما حين أتحدث في أولهما عن المبالغات أو المغالطات التي وقع فيها المصنفون في أسباب النزول؛ وأميل إلى إنكار "السببية" الحقيقية فيما لبعض الآيات من سبب عام؛ وأجنح إلى الجمع بين السبب التاريخي والسياق الأدبي, بالكشف عن التناسب بين الآيات والترابط بين السور، وتعدية الآيات إلى غير أسبابها، وتخطي الزمان والمكان في رسم "النماذج" الإنسانية متجاوزة كل سبب من أسباب النزول، وحين أتقصى، في الفصل الآخر، المراحل القرآنية الست التي تشمل -في كل من مكة والمدينة- ثلاث فترات: ابتدائية ومتوسطة وختامية، متميزة فيها كل فترة عن الأخرى بما أثارت من موضوعات، وما صورت من مشاهد، وما حكت من قصص، وما سرى في ألفاظها وفواصلها من التنغيم والإيقاع.

وكان يسعني أن أسلك "التفسير" في عداد هذا الباب الثالث؛ إذ كانت مسائل هذا العلم- منذ عصر التدوين- أُمَّ المسائل القرآنية، إلا أنني آثرت إفراده بباب اعتناء به وإعظامًا لشأنه، وضممت إليه أقرب البحوث شبها به وهو "الإعجاز" فإني لا أكاد أتصور تفسيرا للقرآن جديرا أن يؤخذ به إلا أن يكون الجانب البياني بارزا فيه لاستجلاء مواطن السحر المعجز في كتاب الله. وأوشك أن أنادي بوجوب الاشتغال بالتفسير البياني في جميع الكليات الشرعية, العالية والثانوية، في العالم الإسلامي كله، وأخص بالذكر كليات

<<  <   >  >>