مقصودا لذاته في كتابنا هذا، فقد اتجهنا بالدرجة الأولى إلى علوم القرآن، فألممنا بأكثرها إلماما، وحاولنا تتبعها في أطوارها التاريخية، ثم عرضنا من غير إسهاب للإعجاز القرآني في التصوير والتعبير والتناسق الفني العجيب.
وبعد ... فذلك شأن الإيقاع في القرآن: ليست الفاصلة فيه كقافية الشعر تقاس بالتفعيلات والأوزان، وتضبط بالحركات والسكنات، ولا النظم فيه يعتمد على الحشو والتطويل، أو الزيادة والتكرار، أو الحذف والنقصان، ولا الألفاظ تحشد حشدا، وتلصق إلصاقا، ويلتمس فيها الإبهام والإغراب، بل الفاصلة طليقة من كل قيد، والنظم بنجوة من كل صنعة، والألفاظ بمعزل عن كل تعقيد: إن هو إلا أسلوب يؤدي غرضه كاملا غير منقوص, يلين أو يشتد، ويهدأ أو يهيج! ينساب انسيابا كالماء إذا يسقي الغراس، أو يعصف عصفا كأنه صرصر عاتية تبهر الأنفاس!